أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن عقوق الوالدين من أخطر أنواع الفساد في المجتمعات، حيث جعله القرآن الكريم من الكبائر التي تهدد بناء الأسرة والمجتمع، مشيرًا إلى أن الله تعالى قرن بر الوالدين بتوحيده في قوله: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا"، مما يدل على عظم هذا الحق وعلو منزلته.
وأوضح الهدهد، خلال حلقة برنامج "ولا تفسدوا"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأثنين، أن الآية لم تأتِ بصيغة الأمر المباشر للعباد، بل جعلت الإحسان إلى الوالدين حكمًا ثابتًا ومستقرًا، مما يدل على أنه ليس مجرد فضيلة، بل هو من الأسس التي يقوم عليها المجتمع السليم.
وأضاف أن القرآن الكريم شدد على احترام الوالدين، خصوصًا عند كبرهما، فنهى عن أدنى درجات التضجر، حيث قال الله تعالى: "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا"، مشيرًا إلى أن بعض العلماء يرون أن قول "أف" هو أخف العقوق، بينما يرى آخرون أنه من أعظم العقوق، لأنه يعكس الضجر وعدم الصبر على الوالدين.
واستشهد الهدهد بحديث النبي ﷺ حينما صعد المنبر وقال: "رغم أنف امرئ أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، فلم يغفر له"، فدعا عليه جبريل عليه السلام وأمَّن النبي ﷺ على الدعاء، مما يدل على خطورة العقوق وحرمان العاق من رحمة الله.
وأكد أن حسن معاملة الوالدين ولين القول والتواضع لهما من أسباب رضا الله ورحمته، مشبهًا ذلك برحمة الطير لصغارها، مستدلًا بقول الله تعالى: "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا"، موضحًا أن هذه القاعدة تعكس العدل الإلهي في رد الجميل للوالدين.
وأشار الهدهد إلى أن صحابة رسول الله ﷺ كانوا يقدمون لنا أروع الأمثلة في بر الوالدين، حيث كانوا يستحيون من رفع أصواتهم أمامهم أو تقديم آرائهم عليهم، فكان ذلك سببًا في رفعة شأنهم وسؤددهم في الدنيا والآخرة.
وشدد على أن الالتزام ببر الوالدين هو المفتاح لبناء مجتمع قوي ومترابط، مستشهدًا بقوله تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن"، داعيًا الجميع إلى التأمل في هذه القيم العظيمة وتطبيقها في حياتهم اليومية.