-لا تجد في الآملين إلا إنسانًا يعيش الثقة برحمة الله، وكيف يقنط والرّحمن الرّحيم يقول له: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).

وكيف ييأس وهناك أبواب للرحمة مشرعة في اللّيل وفي النّهار!

فباب للتوبة، وباب للمغفرة، بالصبر والإيمان والإصرار على الانتصار يعطي العلاج نتائج أفضل كثيرًا... وحياة أسعد كثيرًا...

-فاطمة ومحمد زوجان منذ سبع سنوات، عندهم آدم وأدهم يحيون جميعًا حياة جميلة، هادئة كلها حب ومودة؛ أحيانًا كثيرة يختلفان في حياتهما لكن من كثرة  حبهما لبعضهما ولأولادهما ينهيان أي خلاف ما بينهما بكل سهولة ويُسر؛ قصة حبهما كانت جميلة ومليئة تفاصيل لكن رغم كل الصعوبات التي تعرضا لها استطاعا أن يقاوما ويجتازا ولله الحمد .

فاطمة أم بسيطة جميلة كل الناس تحبها، عمرها ما اختلفت مع أحد في عملها، طول فترة حياتها في المدرسة، وكانت فعلًا مثالًا للأم المثالية التي تُطبِّب قلوب كل التلاميذ، وتفرحهم وتخفف عنهم حمل المذاكرة، والامتحانات وكان شعارها للتلاميذ "اعملوا ما عليكم والباقي على ربنا، لا ترهقوا أنفسكم في المذاكرة والتركيز لا فرفشوا".
 كان كل التلاميذ يحبونها ويهرولون إليها بعد كل مرة خذلوا فيها سواء في امتحان أو من مدرس وصفهم بالفشل، كانت نورًا وبهجة بمعنى الكلمة لكل من حولها وعلى قدر ما كانت تفرح وتخفف، كانت تعمل ولا تتردد  لحظة واحدة في فعل الخير لأي أحد يحتاجها، ومحمد كان صانعًا في ورشة سباكة، يحب عمله وفخورًا بنفسه وبأسرته الجميلة.

ذات  ليلة سعيدة كلها مرح وفرح وسعادة ليلة عيد ميلاد آدم وبعد مجهود يوم طويل من التجهيزات لعيد الميلاد الذي مر على خير بكل فرحة، شعرت فاطمة بدوخة وصداع يلازمانها طوال اليوم، لم تود أن تقلق أحدًا وقالت في سرها:
_ أكيد من كُتر الوقفة بس كل حاجة تهون قصاد فرحة آدم نور عيني.
محمد :
_ايه يا حبيبتي حاسة بإيه مالك شايفك  متغيرة من الصبح فيكي ايه.
فاطمة :
_مفيش يا حبيبي شوية دوخة بس متقلقش نفسك هنام وهقوم كويسة الصبح بإذن الله .
محمد :
_اللي تشوفيه يا حبيبتي بس لو الصبح متحسنتيش هنروح للدكتور عشان تبقي عارفة.

الألم ظل يشتد وفاطمة خائفة وقلقة، ولا تعرف ماذا تفعل إذ إنها ليست المرة الأولى التي تصاب فيها بدوخة، والوجع أصبح يزداد حتى حرمها النوم.
-محمد :
_صباح الخير يا حبيبتي عاملة إيه دلوقت طمنيني عليكي.
-فاطمة :
_والله يا محمد مش عارفة أقول لك ايه بس أنا مقدرتش أنام من امبارح والوجع عمال يزيد ومرضتش اقلقك بالليل عليا.
-محمد:
_ليه كده يا فاطمة هو إحنا مش متفقين من أول الجواز إن وجعك هو وجعي يلا قومي غيري هدومك بسرعة عشان نروح للدكتور وأنا هروح أحضر الفطار للأولاد وألبسهم عشان المدرسة وناخدهم في طريقنا معانا.
-فاطمة :
_ماشي يا حبيبي ربنا يخليك ليا ويبارك فيك ومتحرمش منك أبدًا .

وصلا إلى الطبيب والخوف والقلق يملآنها طوال الطريق، كان يراها ويشعر بها ويصبرها، ويقول لها:
 _خير يا حبيبتي بإذن الله
 كشف الدكتور عليها، وشكّ في حالتها لكنه لم يظهر لهم أي شيء، وطلب من الزوج إجراء تحاليل وفحوصات طبية للتأكد من سلامة صحتها.

ذهبا لإجراء التحاليل، وعيناهما مليئة بالأمل أن يكون الأمر خيرًا لأجل أولادهما، انتظرا نتيجة التحاليل بكل صبر، ولكن الوضع لم يكن مطمئنًا من وجه الدكتور، فاطمة:
_ متخبيش عليا يا دكتور الله يخليك وقول لنا أنا تعبانة بإيه؟
الدموع تملأ عينيها، الدكتور:
_ هو فيه أمل كبير جدًا من  حالتك يا فاطمة وأنتي لسة في بداية مرض السرطان متخافيش وأنا هتابع معاكي لحظة بلحظة.

 لم تنطق بكلمة واحدة هي أو محمد، من وقت ما خرجوا من عند الدكتور ودماغها لم يصمت:
_  يا تري عيالي هيورثوا مني المرض ده لما يكبروا طب يا تري مين هيخلي باله منهم.
كانت تفكر ودموعها تملأ عينيها أما محمد  لا يعرف من أين يبدأ كلامه معها وكيف يتكلم .

محمد:
_ فاكرة أول خروجة لينا من سبع سنين كانت فين يا فاطمة ؟
فاطمة ترد وتقول:
_وده يوم يتنسي ده أجمل أيام عمري هناك.
محمد :
_طب ايه رأيك نروح تاني هناك ونرمي حمولنا وشكوتنا علي الله هو أرحم بينا من أي ألم ووجع وأنا واثق أنك هتخفي وهترجعي أحسن من الأول أنا واثق.
فاطمة :
_الله يا محمد نروح السعودية تاني الله أنا اللي مزعلني مش الوجع يا محمد أنا راضية بقضاء ربنا ومؤمنة وعارفة إن ده ابتلاء عظيم من ربنا اللي مزعلني إن طول فترة علاجي دي هبعد عنك وعن حنيتك وعن الأولاد.
محمد بصوت كله حنان وحب:
_وأنا هفضل طول العمر معاكي وجنبك يا حبيبتي مش هسيبك أبدًا.

تمر الأيام والشهور وفاطمة الكيماوي بدأ يوقع  شعرها وأسنانها، وأصبحت تشعر أنها ستقابل ربنا من ليس هناك أرحم وأحن منه؛ لكي يخلصها من كل الوجع الذي تشعر به، هذا الوجع كان كبيرًا عليها لكنها كانت راضية بكل شيء وفي الوقت الذي كان المرض ينهشها وينهش جسدها فيه، لم يتركها محمد للحظة واحدة، وكان يدعو الله كل وقت أن  يشفيها على خير.

سنتان من أصعب السنوات المليئة بالوجع  مرت بهم فاطمة في حياتها، وكانت روحها تخرج منها مع كل جلسة علاج تأخذها، كانت تبكي بدل الدموع دم، مع كل شعرة وسنة وقعت منها أمام عينيها لكن الأمل كان يملأ قلبها، وكانت صابرة بكل ما تحتويه الكلمة على الوجع.

-مكالمة تليفونية لمحمد:
_ آلو السلام عليكم محمد معايا ؟
محمد :
_وعليكم السلام أيوة أنا محمد خير.
-أنا الدكتور اللي متابع حالة فاطمة وعندي ليك خبر سعيد.
ترقرقت الدموع في عينيه وهو يقول:
_اتفضل قول بالله عليك يا دكتور طمني عليها.
الدكتور:
_ألف مليون حمد الله على سلامة فاطمة انتصرت على المرض مات المرض وعاشت فاطمة.
محمد فقد قدرته على الرد، لم يعد يستطيع الحديث، وكأنه لا يستوعب ما قيل له؛ ركب عربته ونزل أمام أول مسجد قابله في طريقه صلى ركعتين شكرًا لله، إنه استجاب له ولفاطمة:
_ ألف حمد وشكر ليك يا رب ألف حمد سامحنا يا رب إن كانت جت علينا فترة وزهقنا واعترضنا على قضاءك ألف حمد وشكر ليك يا رب.
جرى  عليها وهما الاثنان في نفس واحد قالا:
_الحمد لله على كل أقدار الله.
تابعت فاطمة:
_ بدون حبك وخوفك علي ووقوفك جنبي ماكنتش هبقي بكلمك دلوقت.

الخلاصة :
عندما تختارون اختاروا شريكَ حياتكم صح، اختاروا الحنون الأصيل ابن الناس لا الغني ابن فلان وفلان الذي لا يمتلك حنانًا، ويترككم في منتصف الطريق أو وقت ما تحتجنَ إليه.
ليكُن عندكم أمل بالله مهما الحياة اشتدت، وقستْ عليكم لأن رحمة ربنا واسعة وكل أقدار الله لطيفة، تعلّموا أن تكثروا من الشكر على النعم وإن ليس كل سرطان موتًا ولا كل صحة حياة دائمة.

هدير جلال _ محررة صحفية بموقع اجري نيوز الإخباري 

تابع موقع اجرى نيوز عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط  هــــــــنا

اجرى نيوز ، موقع إخباري  يقدم أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية وخدمات صحفية محترفة في الأخبار والاقتصاد والزراعة والعلوم والفنون والرياضة والمنوعات ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية.

لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، اخبار مصر، اخبار الزراعة، صناعة الدواجن، الثروة الحيوانية، بنوك واقتصاد، اجرى لايف، مقالات، منوعات، وخدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.