لتحقيق تطلعات رؤية الدولة
نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الزراعي والغذائي في مجال الأمن الغذائي
واستدامته،
حيث
أعلنت الحكومة أن حجم القطاع الزراعي من خلال خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
زيادة الإنتاج الزراعي خلال عام 21/2022 بالأسعار الجارية إلى نحو 1.118 تريليون
جنيه بمعدل نمو حوالي 9% مقابل نحو 1.022 تريليون جنيه عام 20/2021.
كما تشير بيانات الحكومة إلي أن حجم الاستثمارات الكلية
لقطاع الزراعة (شاملا الري) يقدر بنحو 37.85 مليار
جنيه بنسبة 5.9% من الاستثمارات الإجمالية لخطة العام المالي الجاري 2021/2022،
ويخص الاستثمارات العامة نحو 43.5 مليار جنيه بنسبة تقارب (59%) من الإجمالي مقابل
30.3 مليار جنيه للقطاع الخاص بنسبة (41% ). وبوجه عام، سهم الزراعة بنحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وبنحو
25% من إجمالي القوى العاملة، وبحوالي 18% من حصيلة الصادرات السلعية الكلية،
وتتجلى أهمية القطاع الزراعي، بالنظر إلى مستهدفات إسهامات القطاع في الاقتصادالقومي وفقا لرؤية مصر 2030.
وتشير هذه البيانات الى أهمية الدور المحسوس الذي يلعبه قطاع الزراعة،
في تدعيم الميزان التجاري عبر استغلال الفرص التصديرية للنفاذ إلى أسواق جديدة،
بجانب الأسواق التقليديةمن هذا المنطلق تحتاجالمحاصيل الزراعية المحلية إلى بورصة وطنية يكون هدفها الرئيس استدامة سلاسل
الإمداد وتدفق العمليات اليومية للمنتجات الزراعية للأسواق، وتضمن السعر العادل
لجميع الأطراف (المزارع والنقل والتسويق) وتساعد في ضبط خطط إنتاج المحاصيل
المحلية وكمياته وجودته والتزام المزارعين والمنتجين بالتوريد طويل الأمد وبتسعيرة
للمستهلك مبنية على التكلفة.
على الجانب الآخر تُجيز تعديلات قانون سوق المال التي وافق عليها
البرلمان، في فبراير الماضي، للبورصة المصرية إنشاء بورصة للعقود الآجلة والسلع.
والعقود الآجلة هي اتفاقية قانونية، لشراء أو بيع سلعة معينة أو أداة مالية بسعر
محدد مسبقا في وقت محدد في المستقبل. وتسمح البورصات السلعية للمستثمر بالتعاقد
على شراء محصول معين قبل زراعته لعدد من السنوات، ثم يتم تسجيل هذا العقد في بورصة
العقود، ويتداول بيعا وشراء من خلال حركة التداول في البورصة. ومن أهم السلع
الغذائية التي تتداول في بورصات العقود العالمية القمح والذرة والأرز وفول الصويا والبن
والبرتقال والسكر.
وفى هذا الإطار يجب الإشارة الى أنه سيتم تنفيذ ثقافة جديدة بأن
المواطن يأكل غذاء آمن، حيث سيتم فحص جميع الخضراوات والفاكهة في معامل بالبورصة
قبل نزولها الأسواق مشيرا إلى أنه يسهم في تخفيض أسعار جميع الخضراوات والفاكهة.
ففي الدول الباحثة عن
التنمية والاستدامة قد بدأت بورصات السلع الحديثة بتداول المنتجات الزراعية
والمواد الغذائية، وتُتاجر بالمحاصيل بأنواعها ويستخدمها المنتجون والمستثمرون
والسماسرة وتجار الجملة والتجزئة.
بالإضافة الى ذلك توجد هناك بورصات إلكترونية
لتداول السلع من دون وجود مكان فعلي بحيث تربط المزارع والأسواق ومراكز التوزيع،
والصوامع، المخازن الكبرى عبر منصة خاصة، وهذ النموذج قد أصبح الأكثر انتشارا كما
يتميز بتوفيره لبيئة تنافسية عالية، ومن أشهر هذه البورصات بورصة “إنتركونتيننتال” الأوروبية.
في الواقع إن تجارة المحاصيل
الزراعية من خلال بورصة السلعCommodity
Exchange ليست فكرة مستحدثة على الأسواق
بل تعتبر مصر رائدة منذ القدم في ضبط سوق السلع الغذائية عن طريق القيام بإنشاء أكثر
من بورصة متخصصة في عدد من الحاصلات، منها بورصة البصل وبورصة القطن وبورصة القمح،
وهي كيانات كانت رائدة في حقبة زمنية معينة وكان لها دور مهم في تحديد الأسعار
لهذه الحاصلات. وعلينا ان نتذكر والا ننسى ان “بورصة القطن” وكانت واحدة من أهم
الأسواق الآجلة في العالم.
كما أنه قد بدأت بورصة السلع الغذائية في الولايات
المتحدة الأمريكية في عام 1848م، حين سمح للمزارعين بتثبيت أسعار بيع محاصيلهم في
مواقع مختلفة (أسواق) على مدار العام من خلال عقود آجلة فيحصل المزارع على الحماية
ضد تقلبات الأسعار والتي عادة ما تكون منخفضة وقت الحصاد. وبورصة السلع هي عبارة عن كيان نظامي يُحدّد وينفذ القواعد
والإجراءات الخاصة بالعقود المعيارية للسلع والمنتجات الاستثمارية ذات الصلة،
وتشير أيضاً إلى المكان الفعلي الذي تتم فيه عملية التبادل التجاري للسلع
والمنتجات. وبالتالي فان البدء في إنشاء بورصات سلعية، خطوة جيدة، لإنهاء عصر
احتكار السلع من جانب التجار حيث ستساهم في خفض أسعار الخضراوات والفاكهة، وزيادة الرقابة على الأسعار،
والحد من مخاطر المنتجين والمستهلكين، من خلال إبرام المنتجين عقودا مستقبلية
لمواد الإنتاج بما يساهم في تثبيت التكلفة، وتحديد نسبة هامش ربح مبيعات السلع من
خلال تحديد أسعار السلع قبل وبعد البيع البورصة ستهدف كذلك إلى توفير فرص العمل
وتشغيل الشباب.
ترجع أهمية إنشاء بورصة
سلعية للمحاصيل الزراعية والغذائية، الى ن ذلك سوف يسهم في ضبط أسعار السلع
الزراعية، بجانب تقليل حلقات التداول على السلعة الواحدة ما سيؤدي إلى انخفاض كبير
في الأسعار، موضحا أن البورصة السلعية عبارة عن سوق تباع فيها المنتجات الأساسية
بالجملة، بالإضافة لتخزين الخضراوات والفاكهة بدلًا من الأسواق التي تتعرض فيها
البضائع للفساد فهي مشروع متكامل به جزء صناعي وآخر تجاري، كما أن من إيجابيات
إنشاء البورصات الزراعية تحفيز التجار على ضخ الأموال وشراء الخضراوات
والفاكهة لأن البورصات السلعية مجهزة من حيث النقل، كما تسمح للمستثمر
بالتعاقد على شراء محصول معين قبل زراعته لعدد من السنوات، ثم يتم تسجيل هذا العقد
في بورصة العقود، ويتداول بيعا وشراء من خلال حركة التداول في البورصة.
ولا شك أن وجود قاعدة
بيانات دقيقة للسلع الزراعية يفتح الباب أمام دعم فاتورة التصدير إلى الأسواق الخارجية
خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم اليوم بعد الحرب الروسية
الأوكرانية. إن وجود منصة للبورصة سوف يتيح عقد شراكات ثنائية بين الكيانات
التجارية في مصر وخارجها، كما يحقق ذلك إتاحة التنسيق بين البورصة المصرية والبورصات
العالمية للسلع وتداولها عالميًا.
وتشير البيانات التي تصدر عن
البورصة المصرية الجديدة التي تم إنشائها حديثا انه قد تم توقيع بروتوكولات تعاون بين
البورصة المصرية للسلع وبعض البورصات العالمية لتنظيم
حركة تداول السلع.
لذا فانه من الواجب أن تكون هناك بورصة مركزية للسلع الزراعية
بالدولة المصرية تحكم حركة السلع للتصدير وللأسواق المحلية على أن يكون في كل
محافظة فرع لها مع التركيز على الميزة النسبية للمحاصيل بكل محافظة يتسم به فرع
البورصة فيها.
وقد يكون هناك بورصات محددة حيث تكون البورصة لها الشخصية المعنوية
الخاصة في شكل شركة مساهمة يقتصر التداول فيها على سلع معينة يتفق عليها ويصدر
مجلس إدارة الهيئة للبورصة الشروط المطلوب توافرها في شركة المساهمة التي يجوز
الترخيص لها بنشاط البورصة بموافقة من مجلس الوزراء. وفى النهاية سوف يضمن هذا الأمر أيضا أن يتم فحص جميع الخضراوات
والفاكهة في معامل بالبورصة قبل نزولها الأسواق كما يسهم هذا في مساعدة الهيئة القومية لسلامة الغذاء في أداء دورها بشكل أفضل.
من المهم أن يعي المستهلك
المصري بأن دور البورصة المصرية هو ربط المنتج بالمستهلك في حركة التداول، كما أن
هناك شروط عديد للانضمام إليها.
وفى هذا الإطار يجب أن يكون من المعلوم إن للبورصة
دور في حل الخلافات المختلفة بين المنتج والمستهلك وفقًا لإجراءات التداول وهو ما
يسمى بقواعد عضوية الانضمام للبورصة السلعية منها الملاءة المالية للكيان، سندات
الأنشطة التي يمارسها العضو، وغيرها من الضوابط المطلوبة.
وللحقيقة نقول إن أهمية
وجود بورصة مصرية للسلع الغذائية ترجع لتحقيق العديد من الأدوار وفتح مجالات عدة
أمام الحاصلات الزراعية المصرية، ويمكن تلخيص ذلك في مجموعة من النقاط الهامة التي
تتمثل في:
إن إنشاء البورصة المصرية يعد في الواقع بداية لفتح أسواق جديدة للحاصلات الزراعية للتصدير لتحقيق عائد من العملة الصعبة يسهم في تعافى الاقتصاد المحلى.
من أدوار بورصة السلع الغذائية انه يقع على عاتقها أن تكون جهة رقابية مستقلة لتنظيم التداول.
من الأدوار الهامة لبورصة السلع الغذائية أن تحقيق التوازن في الأسعار للحاصلات المحلية مقارنة بالأسعار العالمية.
توفير قاعدة بيانات كافية عن السلع المتداولة محليا أو المستوردة من خلال التنسيق بينها وبين البورصات العالمية.
مع إنشاء البورصة سوف يتم توفير أماكن كافية لاستيعاب وتخزين الفائض مع استقلال مراجعة التسويات المالية.
من الواجب لتنظيم دور البورصة والعمل بها إقرار تشريعات صارمة لمنع التلاعب والممارسات الاحتكارية والمضاربات، ولا ضير من نقل تجارب الدولة التي سبقتنا في هذا الأمر.
من الأدوار الهامة أيضا القضاء على الاحتكار من خلال وضع اشتراطات صارمة للحصول على العضوية.
من الناحية الأخرى فان هناك بعض المتطلبات لإنشاء بورصة المنتجات
الزراعية والمواد الغذائية، من أهمها:
أولاً: معايير جودة وسلامة
المنتجات والحاصلات الزراعية
تتطلب صفقات العقود الآجلة أن يكون المنتج ومواصفاته معلومة ويتم ذلك من خلال تطبيق معايير ثابتة للمنتجات والحاصلات الزراعية وعلى المزارع أن يلتزم بها (شهادة جودة). إن مثل هذه الشهادات تساعد على تحسين الممارسات الزراعية السليمة وطمأنة المستهلك حول كيفية إنتاج الغذاء من خلال التقليل من الآثار البيئية الضارة للعمليات الزراعية، والحد من استخدام المواد الكيميائية مع ضمان نهج سلامة وصحة العمال وجودة المحاصيل، وتشمل -على سبيل المثال- الجوانب التالية (وتشاركها مصانع إنتاج المواد الغذائية التحويلية):
*الإدارة المتكاملة للمحاصيل Integrated crop management (ICM)
*إمكانية التتبع الأغذية مع الحفاظ على سلامتها.
*جودة وسلامة المنتجات والحاصلات الزراعية.
*بيئة تداول وحفظ المنتجات والحاصلات الزراعية
*صحة العمال العاملين في مجال الإنتاج والتداول وسلامتهم ورفاههم
*تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجةHazard Analysis Critical Control Point (HACCP)
ثانياً: توفير الآلية العادلة للتسعير
من
المعلوم إن آلية التسعير التي تكون سائدة في بورصة السلع عادة ما تكون مبنية على
العرض والطلب للمضاربات، وحيث أن بورصة المحاصيل الزراعية تكون محدودة بالسوق
المحلي فإنها تحتاج الى آلية تسعير مبتكرة وملائمة تستفيد من تكلفة الإنتاج -شبه
الثابتة- وتضمن الهامش الربحي العادل للمزارع والمستهلك ولباقي أطراف سلاسل
التوريد.ثالثاً: مراجعة نماذج التجارب الناجحة لبورصة المنتجات والحاصلات الزراعية
هناك العديد من التجارب
التي تنتشر في العالم وحققت نجاحات باهرة في مجال بورصات المنتجات والحاصلات
الزراعية والتي يجب الرجوع إليها وتقييم أدائها والوقوف على مواطن القوة والضعف
فيها لتحقيق نجاح في أداء البورصة المصرية.رابعاً: بعض طرق التداول للمنتجات والحاصلات الزراعية في البورصات:
*العقود الآجلة للسلع: الطريقة الأكثر شيوعًا لتداول السلع هي شراء وبيع العقود الآجلة عبر الاتفاق على سعر مستقبلي للسلعة.*مشتريات السلع المعروضة: ويمكن حتى للمستثمرين الأفراد شراء السلع بأنفسهم.
*مخزون السلع: شراء مخزون من الجهة التي تكون السلعة في حيازتها (ملكيتها).
*صناديق الاستثمار المتداولة للسلع، وصناديق الاستثمار المشتركة، وصناديق الاستثمار المتداولة: وجميعها صناديق تجمع عدد من المستثمرين الصغار لبناء محفظة كبيرة تحاول تتبع سعر سلعة أو سلة من السلع – على سبيل المثال – قد يشتري الصندوق عقودًا مستقبلية، أو قد يستثمر في أسهم شركات مختلفة.
*السلع مقابل تداول الأسهم: وهي أن تضع نسبة مئوية للاستثمار في تداول السلع.