التنوع البيولوجي"Biodiversity" أو ما نعرفه أيضًا بالتنوع الأحيائي أو التنوع الحيوي يُقصد به الحياة الفطرية للكون التي تضمن استمراره وصحته، فيقصد به تنوع الحياة على كوكب الأرض بجميع أشكالها، من الجينات والبكتيريا إلى النظم البيئية بأكملها مثل الغابات أو الشعاب المرجانية، ويشكل التنوع البيولوجي شبكة الحياة التي نعتمد عليها في أمور عديدة كالغذاء والماء والمناخ المستقر والنمو الاقتصادي، وغيرها من الأمور التي تضمن استمرار الحياة التنوع البيولوجي الذي نراه اليوم هو نتيجة 4.5 مليار سنة من التطور والتغير في كل عناصر الحياة على سطح كوكب الأرض.
وعن أهمية التنوع البيولوجي فيعتبر الأساس الذي يدعم جميع أشكال الحياة على الأرض وتحت سطح الماء أيضًا؛ فهو يؤثر على كل جانب من جوانب حياة الإنسان؛ حيث يوفر الهواء النقي والمياه والأغذية التي يعتمد عليه الإنسان وغيره من الكائنات الحية في التغذية. كما يؤثر على الفهم العلمي ومصادر الأدوية اللازمة لمقاومة الأمراض الطبيعية، والتخفيف من وطأة تغير المناخ.
وتعتبرعناصر البيئة التي نعيش فيها متنوعة ومتكاملة ويؤثر تغيير أو إزالة عنصر واحد من هذه الشبكة على نظام الحياة بأكمله ويمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية، فبدون الطبيعة والتنوع البيولوجي في عناصرها لن تكون الحياة على الأرض ممكنة.
وعن الأسباب الرئيسية لتدهور التنوع البيولوجي كمايلى:
• يعاني التنوع البيولوجي في وقتنا الحالي من مشكلات تؤثر على المكونات الأساسية له، وخصوصًا في المناطق التي تعاني تغيرات مناخية كبيرة أدت إلى قلة وجود أنواع الكائنات الحية التي تضمن التوازن، حيث تتسبب زيادة كائنات حية على حساب أخرى في اختلال التوازن البيئي.
• يتسبب في اختلال التنوع البيولوجي في البيئة الطبيعية عوامل متعددة ومترابطة، يمكن تصنيفها إلى عوامل طبيعية وعوامل بشرية، فيما يلي نلخص أسباب تدهو التنوع البيولوجي في البيئة.
• التصحر يعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تدهور في التنوع البيولوجي في الطبيعة؛ حيث ينتج التصحر عن انتشار الجفاف في الأراضي الزراعية مما يترتب عليه القضاء على الخصائص الحيوية في هذه الأراضي.
• القطع الجائر للأشجار والصيد الجائر للحيوانات تؤدي إلى اختفاء بعض الأنواع من النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة التي تعتمد عليهما في استمرار وجودها.
• بعض الظواهر الطبيعية قد تتسبب في حدوث اختلال في التنوع البيولوجي في البيئة ومن هذه الظواهر البراكين والزلازل والعواصف والفيضانات.
• التلوث يعد من أكثر الأسباب المؤدية لتدهور التنوع البيولوجي في بيئتنا، وهو بالطبع أحد التأثيرات السلبية للإنسان على البيئة، ومن أمثلة ذلك العوادم والأدخنة التي تلوث الهواء وتتسبب في اختفاء بعض عناصر البيئة الحية مما يترتب عليه تدهور التنوع البيولوجي.
• انتشار الآفات الطبيعية المسببة لمرض بعض الكائنات الحية وتقليل عددها وانقراضها فيما بعد.
• ما يحدثه الإنسان من تلوث ورمي للنفايات في الأنهار والمحيطات والتي تتسبب في اختفاء كائنات حية ونباتات مائية لها أهمية في تحقيق التوازن البيئي والتنوع البيولوجي في البيئة.
• الاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية مما يؤثر على النباتات والحيوانات.
مظاهر تدهور التنوع البيولوجي
يظهر التدهور والاختلال في التنوع البيولوجي في البيئة الطبيعية في:
• قلة واختفاء المياه الجوفية في باطن الأرض التي تعتبر مصدرًا أساسيًا للمياه على سطح الأرض.
• إصابة مساحات واسعة من الأراضي بالقحولة مما يجعلها بيئة غير صالحة للحياة والتنوع البيولوجي.
• انقراض أنواع كثيرة من الحيوانات وتهديد عدد منها بالانقراض في السنوات القريبة القادمة.
• تفقد الكثير من أنواع الكائنات الحية النباتية والحيوانية القدرة على التكيف مع الظروف المستجدة والتغيرات البيئية.
• اختفاء كائنات حية ونباتات مائية لها أهمية في تحقيق التوازن البيئي والتنوع البيولوجي في البيئة بسبب رمي النفايات في الأنهار والمحيطات.
تأثير تغير المناخ على التنوع البيولوجي
• يتوجه نشاط البشر على كوكب الأرض إلى توفير الغذاء بشتى الطرق الممكنة، ولقد غيّر النشاط البشري بالفعل أكثر من 70 % من جميع الأراضي ولعل أهم سبل الحصول على الغذاء بالنسبة للبشر هو الزراعة وعندما يتم تحويل الأرض من أجل الزراعة، يؤدي ذلك إلى فقد بعض الأنواع الحيوانية والنباتية موطنها مما يؤدي إلى مواجهتها لخطر الانقراض. اقرأ هذه الصفحة التني تشرح الانقراض وتذكر بعض الحيوانات التي انقرضت بالفعل من النظام البيئي.
• إلا أن تغير المناخ يلعب دورًا متزايد الأهمية في تدهور التنوع البيولوجي؛ إذ أدى إلى تغيير النظم الإيكولوجية البحرية والبرية والمائية في جميع أنحاء العالم، كما تسبب في فقدان الأنواع المحلية من الحيوانات والنباتات الناتج عن زيادة الأمراض ودفع الموت الجماعي للنباتات والحيوانات مما أدى إلى حدوث أول انقراض بسبب المناخ والتغيرات التي تطرأ عليه.
• أجبرت درجات الحرارة المرتفعة الحيوانات والنباتات على الانتقال إلى ارتفاعات أعلى أو خطوط عرض أعلى، وقد انتقل العديد منها نحو قطبي الأرض، وهو ما سيخلف عواقب بعيدة المدى على النظم البيئية.
• وبزيادة ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر فقدان النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية بشكل لا رجعة فيه، فعلى سبيل المثال تقلصت الشعاب المرجانية الحية إلى النصف تقريبًا في 150 عام الماضية، ويهدد بالمزيد من تدمير جميع الشعاب المرجانية المتبقية تقريبًا.
• تؤدي زيادة الحرارة بواقع 1.5 درجة مئوية إلى فقدان 4 % من الثدييات حوالي نصف موطنها الطبيعية.
• تؤدي زيادة الحرارة بواقع أكثر من درجة مئوية واحدة إلى فقدان 4 % من الثدييات حوالي نصف موطنها الطبيعية.
• تؤدي زيادة الحرارة بواقع أكثر من 3 درجات مئوية إلى فقدان 4 % من الثدييات حوالي نصف موطنها الطبيعية.
• ستؤدي زيادة الحرارة بواقع 1.5 درجة مئوية إلى تدمير ما لا يقل عن 70% إلى 90% من الشعاب المرجانية.
• ستؤدي زيادة الحرارة بواقع درجتين مئويتين إلى فقدان أكثر من 99% من الشعاب المرجانية.
•ستؤدي زيادة الحرارة بواقع أكثر من درجتين مئويتين إلى فقدان أكثر من 99% من الشعاب المرجانية.
هل للتنوع البيولوجي تأثير على تغير المناخ؟
عندما تنتج الأنشطة البشرية والتطور الصناعي هذا الكم من الغازات الدفيئة، يبقى حوالي نصف الانبعاثات في الغلاف الجوي، بينما تمتص الأرض والمحيطات النصف الآخر بصورة طبيعية. هذه النظم البيئية والتنوع البيولوجي الذي تحتويه يقوم بدور بالوعة طبيعية للكربون، حيث توفر ما يسمى بالحلول القائمة على الطبيعة لتغير المناخ. بينما يعد الحفاظ على المساحات الطبيعية واستعادة ما فقدناه منها سواء على اليابسة أو في الماء أمرًا ضروريًا للحد من انبعاثات الكربون والتكيف مع مناخ متغير بالفعل ، وكما قالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي (إليزابيث مريما):
"يعد تغير المناخ المحرك الرئيسي لفقدان التنوع البيولوجي. ويعتمد تغير المناخ على التنوع البيولوجي كجزء من الحل، لذلك من الواضح أن الاثنين مرتبطان ولا يمكن فصلهما."
ولهذا تشير الأمم المتحدة إلى أنّ تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي بالإضافة إلى التلوث جزءًا من أزمة كبيرة يواجهها العالم اليوم، هذه الأزمة المركبة يجب معالجتها معًا إذا أردنا النهوض بأهداف التنمية المستدامة وتأمين مستقبل ملائم للحياة على هذا الكوكب.
وعن الجهود والإتفاقيات الدولية لحماية التنوع البيولوجي وفي إطار مواجهة الحكومات مشكلات تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، تم عقد اتفاقيتين دوليتين مختلفتين، وهما:
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي، تعترف اتفاقية التنوع البيولوجي بأهمية التنوع البيولوجي لكوكب سليم ،وتحقيقًا لهذه الغاية، يساعد برنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركاؤه البلدان على تطوير خطط العمل الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالتنوع البيولوجي. كما تتضمن أهداف هذه الاتفاقيات خطوات واسعة النطاق لمعالجة أسباب فقدان التنوع البيولوجي في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تغير المناخ والتلوث. كما يقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة بدعم منصات المعرفة المهمة بشأن النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي، مثل: الرصد العالمي للغابات، ومبادرة أراضي الخث العالمية، ومبادرة الغابات المطيرة بين الأديان.
وفى الختام: إن وقف فقدان التنوع البيولوجي هو الطريقة الوحيدة لاستعادة واستدامة كوكب سليم. ولن يكون هذا ممكنًا إلا عندما نفهم شبكة الحياة التي نعيش فيها ونقدر أنها تعمل كنظام كامل. لقد حان الوقت لإعادة تصور علاقتنا مع الطبيعة ووضع الطبيعة في صميم عملية صنع قرارنا.
دكتور عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس استاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان - عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم.