تشكل التغيرات المناخية تهديدًا كبيرًا للإنتاج الزراعي والحيواني في جميع أنحاء العالم، فهي تؤثر على الظروف البيئية التي تعتمد عليها المزارع، وتزيد من خطر الظواهر الجوية المتطرفة، وتؤدي إلى تغيرات في أنماط الآفات والأمراض، وفي الوقت نفسه، تساهم أنظمة إدارة المزارع في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، مما يزيد من حدة التغيرات المناخية.
يهدف هذه المقالة لتوضيح تأثير التغيرات المناخية على أنظمة إدارة المزارع، وأيضا استعراض أهم تأثيرات أنظمة إدارة المزارع على التغيرات المناخية، وكذلك اقتراح استراتيجيات للتكيف مع التغيرات المناخية وتقليل تأثير أنظمة إدارة المزارع على المناخ.
تأثير التغيرات المناخية على أنظمة إدارة مزارع الإنتاج الحيواني
هناك كثير من التأثيرات غير المباشرة مثل تغيرات في أسعار المدخلات الزراعية حيث يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تقلبات في أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية والأعلاف، مما يؤثر على تكاليف الإنتاج، كذلك فان تغيرات في الطلب على المنتجات الزراعية يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تغيرات في أنماط الاستهلاك، مما يؤثر على الطلب على المنتجات الزراعية.
أيضا تأثيرات على البنية التحتية الزراعية: يمكن أن تؤدي الظواهر الجوية المتطرفة إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، مثل شبكات الري والطرق.

كما أن هناك تأثيرات على صحة الإنسان مثل زيادة خطر الأمراض المنقولة بالغذاء: يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى زيادة خطر تلوث المنتجات الزراعية بالبكتيريا والفيروسات.
وكذا تأثيرات على صحة العمال الزراعيين: يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة خطر الإصابة بالإجهاد الحراري بين العمال الزراعيين.
وأيضا تأثيرات على التنوع البيولوجي الزراعي مثل فقدان السلالات النباتية والحيوانية المحلية: يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى فقدان السلالات النباتية والحيوانية المحلية التي تتكيف مع الظروف المناخية المحلية، وكذا تغيرات في دورة حياة الآفات والحشرات النافعة.

هناك أيضا تغير أنماط هطول الأمطار حيث يؤدي تغير أنماط هطول الأمطار إلى نقص المياه في بعض المناطق وزيادة الفيضانات في مناطق أخرى، مما يؤثر على إنتاجية المحاصيل والحيوانات.
كذلك فان ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة الإجهاد الحراري على الحيوانات وتدهور جودة الأعلاف، مما يؤثر على إنتاجية المزارع. بالإضافة الى ان زيادة الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير، من خطر تلف المحاصيل والحيوانات والمعدات الزراعية.
ومن ناحية حدوث تغير أنماط الآفات والأمراض والذي بدوره يؤدي إلى تغير أنماط الآفات والأمراض، مما يزيد من خطر انتشارها وتأثيرها على المحاصيل والحيوانات، بجانب ذلك يأتي تغير خصوبة التربة حيث يؤثر تغير المناخ على خصوبة التربة، مما يؤدي إلى تدهور جودة المحاصيل.

تأثير أنظمة إدارة مزارع الإنتاج الحيواني على التغيرات المناخية:
يأتي في المقدمة حدوث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطاع الثروة الحيوانية حيث تنطلق انبعاثات الميثان من التخمر المعوي في الحيوانات المجترة، كما أن انبعاثات أكسيد النيتروز من السماد الحيواني، وأيضا تأثيرات إزالة الغابات لإنشاء مراعي للحيوانات.
بالإضافة الى ذلك فهناك تأثيرات نتيجة استخدام الأسمدة النيتروجينية والتي ينجم عنها انبعاثات أكسيد النيتروز من التربة المعالجة بالأسمدة النيتروجينية. وكذا تلوث المياه الجوفية والسطحية بالنيترات.
بالإضافة الى تأثيرات استخدام المبيدات الحشرية التي تنجم عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من إنتاج ونقل المبيدات الحشرية. وكذا تأثيرات على التنوع البيولوجي وتوازن النظم البيئية.

على جانب أخر تظهر تأثيرات إدارة مخلفات المزارع والتي ينتج عنها انبعاثات الميثان من تخمر المخلفات الحيوانية، وكذا تلوث المياه والتربة بالمخلفات الزراعية.
• انبعاث غازات الاحتباس الحراري: تساهم أنظمة إدارة المزارع في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، من خلال استخدام الوقود الأحفوري وإنتاج الأسمدة واستخدام الأراضي.
• تغير استخدام الأراضي: يؤدي تحويل الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى، مثل البناء والتوسع الحضري، إلى إزالة الغابات وتدهور التربة، مما يساهم في انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
• تلوث المياه: يؤدي استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية في المزارع إلى تلوث المياه، مما يؤثر على جودة المياه ويساهم في انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
المحاور المطروحة للتكيف مع التغيرات المناخية وتقليل تأثير الإنتاج الحيوانى على المناخ:
هناك عديد من المحاور التي يمكن اتباعها للتكيف مع التغيرات المناخية مثل تطوير نظم الإنذار المبكر حيث يمكن أن تساعد نظم الإنذار المبكر في تحذير المزارعين من الظواهر الجوية المتطرفة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
كذلك تطوير تقنيات الري الذكية حيث يمكن أن تساعد تقنيات الري الذكية في تحسين كفاءة استخدام المياه وتقليل الفاقد، وأيضا تشجيع الزراعة العضوية التي تساهم في تقليل استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية الكيميائية، مما يقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتلوث البيئة.
كما أن تشجيع الزراعة الحافظة تساعد في الحفاظ على خصوبة التربة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كذلك فان ترشيد استهلاك المنتجات الزراعية المحلية والموسمية يمكن أن يساهم في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن نقل المنتجات الزراعية.
وأيضا تطوير سياسات داعمة من قبل الحكومة لتشجيع المزارعين على تبني ممارسات زراعية مستدامة، هناك أيضا تطبيق ممارسات الزراعة المستدامة والتي تشمل استخدام تقنيات الري الحديثة، وزراعة المحاصيل المتحملة للجفاف، واستخدام الأسمدة العضوية، وتطبيق نظم الزراعة المختلطة.
وأيضا فان تحسين إدارة الموارد الطبيعية والذي يشمل استخدام المياه بكفاءة عالية، والحفاظ على خصوبة التربة، وإدارة المخلفات الزراعية بشكل صحيح. وكذا استخدام الطاقة المتجددة من خلال استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تشغيل المعدات الزراعية.
ويمكن لتطبيق تقنيات التغذية الدقيقة مثل استخدام أجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي لتحديد الاحتياجات الغذائية الدقيقة للحيوانات أن تسهم بدورها أيضا، وتوفير العلف المناسب بكميات محددة.

بالإضافة الى أن تطبيق إجراءات الأمن الحيوي: ويشمل ذلك كافة الإجراءات التي تحد من دخول وانتشار الأمراض في المزارع، مثل التحكم في حركة الحيوانات والأفراد. وتأتى التوعية والإرشاد للمربين بأهمية التكيف مع التغيرات المناخية وتوفير الإرشاد اللازم لهم من الأهمية بمكان.
ونخلص في هذا المقال الى أن يجب مواجهة تأثير التغيرات المناخية على أنظمة إدارة المزارع، وتقليل تأثير أنظمة إدارة المزارع على المناخ، جهودًا مشتركة من الحكومات والباحثين والمربين والمستهلكين، ويجب تبني استراتيجيات تكيف فعالة، وتطبيق ممارسات زراعية مستدامة، واستخدام تقنيات حديثة، لضمان استدامة الإنتاج الزراعي والحيواني في ظل التغيرات المناخية.
ا. د. فوزي محمد أبودنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني