السحور الصحي في رمضان وجبة السحور هي إحدى الوجبات الرئيسية والضرورية في شهر رمضان المبارك لِما لها من تأثيرات صحية إيجابية على صحة الصائم طوال ساعات النهار وذلك فضلاَ عن أنها سُنة عن سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم فقال ﷺ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» لِما فيه من بركة دينية ودنيوية فهو يعين الصائم على القيام بمهامه وعمله وعباداته أثناء ساعات الصيام دون تعب أو شعور بالجوع والعطش بشكل كبير.
هذا ما جعل هذه الوجبة تحظى بإهتماماً كبيراً من باحثين التغذية لِما لها من دور كبير على صحة الشخص الصائم ، حيث أن العناصر والمكونات الغذائية التي يتناولها الجسم في هذه الساعات الأولى من اليوم لابد أن تكون لها خصائص محددة تختلف عن غيرها من العناصر والمأكولات التي من الممكن أن يكون لها تأثيرات عكسية سلبية على صحة الصائم إما على مدار ساعات اليوم في أوقات الصيام أو على المدى البعيد طوال شهر رمضان.
فإذا ما ألقينا الضوء على المكونات والعناصر الضرورية التي يحتاجها الجسم في وجبة السحور بشكل أساسي وجدناها كالتالي :
1- الماء :
يعتبر الماء هو المصدر الرئيسي لترطيب الجسم والخلايا ولعدم الشعور بالعطش أثناء الصيام ولتنظيم العمليات الحيوية دون حدوث أي خلل خلال ساعات النهار ، إلا أن الماء لا يتم تناوله بكمية كبيرة دفعة واحدة بعد تناول الطعام لأن الجسم لا يحتفظ بأكثر من سعته وإحتياجه ويتخلص من الزائد في البول ، لذلك لابد من تناوله بإنتظام وبكميات جيدة من وقت وجبة الإفطار ولغاية وقت وجبة السحور.2- البروتينات :
البروتين الحيواني والنباتي أحد أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم في بناء الخلايا والأنسجة والعضلات ، وخاصةً البروتينات الحيوانية لإمدادها الجسم بالأحماض الأمينية التي لا يُخلِّـقها الجسم ذاتياً ويحصل عليها من الطعام ، كما وأنها تُشعـِر الإنسان بالشبع لفترات طويلة.ومن أمثلة البروتينات التي ننصح بتناولها بوجبة السحور البيض ، الجبن قليل الملح مثل القريش ، الزبادي والألبان المتخمرة ، الفول ، وكذلك الحبوب الكاملة كالقمح والشوفان والأرز البني وخاصةً لطلبة المدارس والجامعات لأن الحبوب الكاملة تُمد الجسم بالعناصر التي تساعد على تقوية الذاكرة والتركيز.
3- الفيتامينات والأملاح المعدنية :
من الأخطاء الشائعة لدى الكثيرين أنهم يقوموا بالتركيز على المشروبات والمأكولات السكرية والكربوهيدرات والدهون في وجبة السحور أملاً أنها ستكون لهم مصادر للإمداد بالطاقة والنشاط أثناء ساعات الصيام ، إلا أن الأبحاث الحديثة أثبتت عكس ذلك تماماً ، حيث أن هذه السكريات فضلاً عن أنها تسبب العطش أثناء الصيام ، فهي أيضاً تتحول لدهون مخزَّنة نتيجة لعدم إستخدام الطاقة التي تمدنا بها فور تناولها في وجبة السحور ، مما يتسبب في زيادة إحتمالات التعرض للإصابة بالسمنة ومرض السكري من النوع الثاني والدهون الثلاثية وتصلب الشرايين خاصةً لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.أما إذا حقاً أردنا الإستفادة الحقيقية للجسم أثناء الصيام فيتحقق ذلك بالتركيز على الفيتامينات والأملاح المعدنية في وجبة السحور لِما لهم من تأثيرات إيجابية على الوظائف والعمليات الحيوية بالجسم خلال ساعات الصيام وأهم المعادن الحديد والبوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم ، وأهم الفيتامينات A ، B ، D ، K ، E.
وأمثلة المأكولات والأطعمة التي تتوافر بها هذه العناصر : الخضروات الورقية مثل الجرجير والكابوتشا والخس والبقدونس والكرنب الأحمر ، خضروات السلطة مثل الطماطم والخيار والفلفل الألوان والجزر والليمون ، هذا بالإضافة للتمور الطازجة والمجففة والفواكه المجففة والفواكه الطازجة وعصائر الفواكه بدون إضافة سكر.
4- النشويات والدهون الصحية:
يُفضل أن تحتوي وجبة السحور على كميات محدودة من النشويات والزيوت أو الدهون الصحية بحيث يتم الإستفادة منها دون تخزين الفائض عن الحد في الجسم في صورة دهون يصعب التخلص منها فيما بعد.5- الألياف الغذائية:
تحسين عملية الهضم يتم بشكل كبير بسبب وجود الألياف الغذائية كعنصر رئيسي في وجبة السحور ، وهي عبارة عن كربوهيدرات معقدة متعددة الفوائد التغذوية حيث أنها تساعد في عملية إنقباض وإنبساط الأمعاء بشكل متوازن ، تحسن من كفاءة عملية الهضم ، تساعد في نشاط البكتريا النافعة البروبايوتك (Probiotic).وأمثلة المأكولات التي تحتوي على الألياف الغذائية : الردة في الخبز ، التمور ، الخضروات ، الفاكهة.
6- البكتريا النافعة Probiotic :
الألبان المتخمرة والتي تحتوي على البكتريا النافعة تُعد أحد أهم مكونات وجبة السحور الشائعة في رمضان، وذلك لِما لها من تأثيرات مذهلة على صحة الشخص الصائم مثل ترطيب الجسم وبالتالي عدم الشعور بالعطش، منع حدوث حالات إمساك أو إسهال نظراً لدورها في تنظيم عملية الهضم ، سلامة القولون من حدوث إنتفاخات نتيجة إضطرابات القولون أو حدوث عسر هضم ، تساعد في الحماية من الإصابة بهشاشة العظام لإحتوائها على الكالسيوم ، ملائمة للأشخاص المصابة بحساسية اللاكتوز حيث أن سكر اللاكتوز في الألبان يتحول إلى حمض اللاكتيك وبالتالي لا يحدث لهم مشاكل عند تناول الألبان المتخمرة ، خفض ضغط الدم المرتفع ، خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) ورفع مستويات الكوليسترول النافع (HDL). ومن امثلة الألبان المتخمرة : الزبادي ، اللبن الرائب ، اللبنة ، الزبادو بقطع الفواكه الطازجة.
7- المشروبات الطبيعية وعصائر الفواكه الطازجة والشاي الأخضر :
يتميز شهر رمضان بمشروباته الطبيعية ذات الفوائد الصحية مثل التمر الهندي ، الخروب ، الكركديه ، بالإضافة لعصائر الليمون والموالح بصفة عامة وخاصةً أننا بفصل الشتاء والذي تتوافر فيه الموالح بكثرة.أيضاً عصائر الفواكه الطبيعية وخاصةً الممزوجة باللبن لرفع القيمة الغذائية بها ، هذا بالإضافة للشاي الأخضر الذي يرفع من المناعة ويحسن أداء عملية الهضم.
مع العلم أن تكون هذه المشروبات والعصائر يتم تناولها غير محلاه أو محلاه بعسل نحل.
• الأطعمة والمشروبات التي يجب تجنبها في وجبة السحور :
هناك بعض الأغذية والمشروبات لابد من الإبتعاد عن تناولها في وجبة السحور نظراً لتأثيراتها السلبية إما على كفاءة عملية الهضم أو لمنعها إمتصاص العناصر المفيدة بصورة جيدة وإما أنها قد تسبب حدوث عطش بشكل ملحوظ أثناء ساعات الصيام ، ومنها :
1- السكريات الأحادية كالحلويات والعصائر المحفوظة.
2- المشروبات الغازية ؛ لإحتوائها على كلا المحظورين السكريات والكافيين.
3- اللحوم المصنعة والدهون النباتية الصناعية ؛ فكلاهما يسبب إضطرابات معوية وعسر هضم.
4- الشاي الأحمر والقهوة والنسكافيه ؛ لإحتوائهم على الكافيين بنسبة كبيرة مما يسبب الأرق والإضطراب في النوم وخاصةً في حال النوم بعد السحور ، وكما أن الشاي مدر للبول مما يسبب سرعة فقد الماء من الجسم وعدم الإحتفاظ به لفترة طويلة أثناء ساعات الصيام.
5- المخللات والأغذية والأجبان المرتفعة نسبة الملح بها وخاصةً ملح كلوريد الصوديوم.
دكتور / رشــا نور, قسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبــان - معهـد بحوث تكنولوجيـا الأغذيــة.