عيش الغراب أو المشروم هو من اقدم الكائنات الدقيقة على وجه الارض، فوجوده سبق وجود الانسان و الحيوان بل و النبات، و هو عباره عن فطر يستطيع تكوين جسم ثمري تتغذى عليه كثير من الكائنات منها الإنسان، وقد عرفه الانسان منذ قديم الزمان واعطاه وضعاً مميزا بين الأصناف الغذائية الأخرى حيث ادراك فوائده الصحية الكثيرة والتي قلما تجتمع في منتج غذائي واحد، لذلك نجده مذكورا في معظم الحضارات القديمة، فمثلا وصفه الصينيون القدماء بأنه إكسير الحياه، و هو ينتج لديهم منذ ثلاثة آلاف عام.
واعتاد المحاربون اليونانيون القدامى التغذي عليه قبل المعارك حيث عرف عندهم بغذاء المحاربين. أما اجدادنا الفراعنة فقد سموه غذاء الآلهة وقدسوه ورسموه على جدران معابدهم، كما اعتقدوا أن التغذي على انواع معينه من المشروم يمكنه ان يدخل الانسان الى عالم جديد من المعرفة، و اخذ اهمية كبرى لديهم فقصروا استهلاكه على الفرعون والكهنة فقط. الا ان تاريخ المشروم في مصر بعد عهد الفراعنة، غير معروف، يبدوا ان المناخ في مصر في عهد الفراعنة كان مختلفا عنه في عصرنا الحديث حيث كان يساعد على ازدهار ونمو الاجسام الثمريه الخاصة بالمشروم التي تحتاج الى برودة و رطوبة عالية.
و يبدو أنه قد حدث تغيراً كبيراً في المناخ المصري منذ عهد الفراعنة الى الآن. فقد اصبح مناخنا كما هو معرف مناخاً صحراوياً يميل الى الجاف في اغلب فترات السنه، و هذا ما أدى الى ما يشبه اختفاء عيش الغراب من مصر، حيث لم يتعرف المصريون في العصر الحديث عليه إلا مع الاحتلال الانجليزي، حيث كان الانجليزي بشكل خاص والأوروبيين بشكل عام يزرعون المشروم منذ مئات السنين نظرا لطبيعة الظروف المناخية عندهم، فمثلا ينتج عيش الغراب الاوروبي (الأجاريكس) في فرنسا بشكل صناعي منذ اكثر من 500 عام و لذلك يسمى بالفطر الباريسي. و قد قام الانجليز بزراعته في مصر خاصة مع ظهور التكنولوجيا الحديثة التي تتحكم في العوامل المناخية المختلفة مثل اجهزه التبريد والوسائل المختلفة لرفع الرطوبة الجوية وكذلك وسائل التهوية اللازمة لخفض معدلات ثاني اكسيد الكربون، و كان هذا بداية تعرف المصريين عليه.
المهندس فاروق العمدة استشارى زراعى