الأحد، 05 ربيع الأول 1446 ، 08 سبتمبر 2024

المحررين

من نحن

اتصل بنا

الدكتور محمد عثمان يكتب .. صحة واحده و كوكب واحد وغذاء واحد

الدكتور محمد عثمان خبير الإنتاج الحيوانى و رئيس مجلس إدارة شركة لا فاش جروب
الدكتور محمد عثمان خبير الإنتاج الحيوانى و رئيس مجلس إدارة شركة لا فاش جروب
أ أ


لا شك أن أساس كل الحياة على كوكب الأرض هو حق العيش في بيئة نظيفة وصحية وقد بينت جائحة كورونا بما لا يقبل الشكّ أنّ تدهور الطبيعة يعزز المخاطر الصحية بالنسبة إلى الجميع دون استثناء ولا يمكن لقطاع أو تخصص واحد أن يمنع الأمراض المعدية والمخاطر المعقدة الأخرى الماثلة أمامنا، أو أن تقضي عليها.



لذلك كان من الضروري النظر من منظور صحة واحدة واعتبار أن صحة الحيوان تعني صحتنا وصحة الجميع ويعد مفهوم ونهج الصحة الواحدة بمثابة السبيل الوحيد في التصدي للتحديات الصحية المعقدة التي تواجه مجتمعنا، مثل إخفاق النظام الغذائي والأمراض المعدية ومقاومة مضادات الميكروبات حيث قد تبدو الحياة في عصر ما بعد المضادات الحيوية مخيفة وكارثية، وهذا ليس محض توقع بل انه قد بدأ بالفعل الان حيث نجد الملايين من البشر والحيوانات وحتى النباتات يموتون بسبب حالات عدوي وإصابات لا يمكن علاجها, فبالرغم من التطور المستمر ووجود أفضل الأدوية الا أن ظواهر عديدة تتكرر بمعدلات مخيفة مثل فشل العلاج و كذلك ارتفاع نسب المشاكل الصحية المزمنة وارتفاع معدلات الإصابة بالمضاعفات الصحية للأمراض، وزيادة معدلات الوفيات وزيادة أخطار الإصابة بالآثار الجانبية للأدوية البديلة المستخدمة، حيث من الممكن أن يكون العلاج البديل أقل فعالية وأكثر سمية ومن الملاحظ أيضا تكرار الإصابة بالعدوى أو عودة أعراضها بعد العلاج وزيادة مدة العلاج ويطرح ذلك كله العديد من التساؤلات الملحة:



-هل أصبحت الحرب بين الطب والبكتيريا غير متكافئة، بل وخاسرة؟

-هل تصبح أبسط الالتهابات أمراضا فتاكه؟

-هل صارت قدرتنا ضعيفة على تطوير مضادات جديدة؟

بالفعل تكاد تكون الإجابة على هذه التساؤلات بالإيجاب نتيجة لخطر يهدد العالم بأكمله وهو مقاومة المضادات الحيوية.

بشكل مبسط نجد أن المضادات الحيويَّة هِيَ أدوية تُستَخدَمُ لمعالجة حالات العدوىالبكتيرية وهي غير فعَّالة ضدَّ حالات العدوى الفيروسيَّة ومعظم حالات العَدوى الأخرى حيث تقضي المضادَّات الحيوية على البكتيريا أو تمنعها من التكاثُر، ممَّا يُساعد الدِّفاعات الطبيعيَّة للجسم على القضاء عليها ويعود اكتشافها تاريخيا بالقرن الماضي تحديدا في عام ١٩٢۸ وعن طريق الصدفة البحتة من طرف الطبيب البريطاني ألكسندر فليمنغ، بعدما عاد من سفره ليتفقد مزرعة البكتيريا التي وضعها بمختبره، ليجد أنه نسيها بالخارج. وعند تفقدها وجد هالة بيضاء تقوم بوقف انتشار البكتيريا ليكون بذلك قد اكتشف أول مضاد حيوي والذي أطلق عليه اسم البنسيلين ليصبح فيما بعد أحد أكثر الأدوية الناجحة.



وخلال المحاضرة التي ألقاها فليمنغ أثناء تسلمه لجائزة نوبل في الطب عام ١٩٤٥، أشار بشكل مبكر لأحد الأخطار الكبرى التي قد تجعل من هذا الاكتشاف عقاراً غير ذي جدوى، فقد أبدى فليمنغ حينها قلقه البالغ من إمكانية تطوير الجراثيم لطرق مقاومة تجعلها منيعة ضد البنسلين، وتبين فيما بعد أن قلق فليمنغ سيصبح أحد أكثر المخاوف والتحديات التي ستواجه الإنسانية في مجال الطب والبيولوجيا.



إن مقاومة المضادات الحيوية بالفعل هي من أكبر المخاطر التي تحيق اليوم بالصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية حيث يمكن أن تُلحِق الضرر بأي فرد أو حيوان وهي تحدث بشكل طبيعي، ولكن وتيرة عمليتها تتسارع بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للإنسان والحيوان.

وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تغير البكتيريا نفسها استجابة لاستعمال تلك الأدوية، فالجراثيم لديها قدرة ذكية على المراوغة، وهي أشبه بالإنسان الذي بعد تعرضه للصدمة عدة مرات، يصبح أكثر قدرة على امتصاصها واستيعابها، لدرجة أنها مع التكرار ومرور الوقت لا تؤثر فيه، كذلك الأمر بالنسبة للمضادات الحيوية، فعند الاستخدام المفرط والمستمر لها، تقل فعاليتها وتتلاشى وتتوقف الجراثيم عن التأثر بها.



بشكل مبسط وعن الية حدوث هذه الظاهرة نجد أن الميكروبات تتبع ثلاث آليات للتغلب على المضادات ومحاربتها، فهي تلجأ أولا لإغلاق معابر دخول الدواء من الخارج لخلاياها، عبر التعرف عليه فتمنعه من المرور، وفي حال الفشل في ذلك تقوم بابتداع معابر جديدة للفظ الدواء وإخراجه من خلالها، وفي حالات ثالثة ورغم دخول المادة الدوائية المضادة لخلاياها، تبادر الجراثيم بإفراز مواد تعمل على إبطال فعالية الدواء.

من المؤسف أن نعرف أننا بحاجة لعشرة أعوام كاملة، كي نتمكن من تطوير مضاد حيوي جديد، في الوقت الذي يطور فيه الميكروب المقاومة للمضاد الحيوي خلال عشرة أيام فقط، وهذا يكشف حجم المشكلة الصحية التي تواجه العالم وعمقها.

ولكن كيف تزايدت هذه الظاهرة وأصبحت بهذه الخطورة آخذة في الارتفاع إلى مستويات خطيرة بأنحاء العالم كافة، إضافة الي ثمة آليات مقاومة جديدة آخذة في الظهور والانتشار على مستوى العالم تهدد قدرتنا على علاج الأمراض؟

بداية نجد الأخطاء الشائعة لدى الأغلبية من الأفراد، وعند شعورهم بأدنى ألم في أجسادهم يبادرون فورا لتناول المضادات الحيوية كمسكن، في حين أنها ليست من مسكنات الألم ولا تمت لها بصلة.

كذلك تعاطي المضادات دون وصفة طبية ينطوي على خطأ جسيم، يتمثل في أن تعاطيها دون وجود التهابات جرثومية موجبة لها، يساهم في خلق المقاومة في الجسم لهذه المضادات، يما يقلل من فاعليتها وتأثيرها العلاجي والدوائي.

ومن المؤسف زيادة ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها في الحالات التي يتم فيها شراء تلك المضادات من دون وصفة طبية لأغراض الاستعمال البشري أو الحيواني دون وجود قواعد وقوانين تنظم تداول الأدوية حيث نجد عادة مغالاة كل من الأطباء البشريين والبيطريين في وصف المضادات الحيوية والاستخدام غير المسؤول والأسواء هو عشوائية تداول واستخدام الجمهور في استعمالها.


بالفعل، وإن لم نعجّل في اتخاذ الإجراءات فإننا مقدمون على عصر ما بعد المضادات الحيوية الذي يمكن أن تصبح فيه عدوى الالتهابات الشائعة والإصابات الطفيفة قاتلة مرة أخرى.
وللوقاية ومكافحة هذه الظاهرة فإنها تتطلب خطوات جاده وفعالة من جميع مستويات المجتمع فتوعية وارشاد الأفراد أن يقوموا في إطار سعيهم إلى الوقاية من انتشار مقاومة المضادات الحيوية ومكافحتها بألا يستعملوا المضادات الحيوية إلا بوصف طبية من أحد المهنيين الصحيين المعتمدين وألا يتشاركوا أبداً في المضادات الحيوية المتبقية أو في استعمالها وأن يحرصوا على الوقاية من عدوى الالتهابات وتجنب مخالطة المرضى.

كما لابد من ضمان وضع خطة عمل وطنية موضع التنفيذ بشأن معالجة مقاومة المضادات الحيوية وتحسين ترصد عدوى الالتهابات الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية مع إتاحة المعلومات عن آثار مقاومة المضادات الحيوية.



أما القائمين على وصف المضادات الحيوية فعليهم التزام الحرص على عدم وصف المضادات الحيوية وصرفها إلا عند الحاجة إليها وإبلاغ فرق الترصد بعدوى الالتهابات الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية والتحدّث إلى المرضى عن كيفية تناول المضادات الحيوية بشكل صحيح وعن مقاومة تلك المضادات ومخاطر إساءة استعمالها.



ومن الضروري والهام تكثيف الاستثمار في مجال البحث والتطوير فيما يخص المضادات الحيوية واللقاحات وأدوات التشخيص وغيرها من الأدوات الجديدة.
وعن دور الطبيب البيطري والقائمين على رعاية الثروة الحيوانية والداجنة الالتزام بعدم إعطاء المضادات الحيوية للحيوانات إلا للضرورة القصوى وبإشراف الطبيب البيطري كذلك تجريم استعمال المضادات الحيوية لأغراض تعزيز نمو أو الوقاية من الأمراض دعم وتطوير كل نظم الأمان الحيوي بالمزارع.

الدكتور محمد عثمان خبير الإنتاج الحيوانى و رئيس مجلس إدارة شركة لا فاش جروب

 

 


تابع موقع اجرى نيوز   عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

اجرى نيوز ، موقع إخباري  يقدم أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية وخدمات صحفية محترفة فى الأخبار والاقتصاد والزراعة والعلوم والفنون والرياضة والمنوعات ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية.

لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، اخبار مصر ، اخبار الزراعة ، صناعة الدواجن ،الثروة الحيوانية، بنوك  واقتصاد  ،اجرى لايف ،مقالات ،منوعات ، وخدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.

icon

الأكثر قراءة