اكتشف العلماء مؤخرًا آلافًا من
جزيئات الحمض النووي الريبوزي RNA) ) النشطة التي يمكنها التحكم
في جسم الإنسان .وأن هذا الاكتشاف بصدد قلب الأفكار الأساسية حول كيفية عمل الجسم البشري
رأسًا على عقب. فى الدراسات التى عملت على
تجميع خلاصة وافية لوظائف الحمض النووي البشري من خلال مشروع يسمى ENCODE لموسوعة عناصر الحمض النووي. بعد التعرف على جميع
وحدات بناء الحمض النووي الثلاثة مليارات التي تشكل الجينوم البشري. عمل العلماء فريق ENCODEعلى محاولة معرفة ما يفعله كل هذا الحمض النووي.
كان الافتراض الذي طرحه
معظم علماء الأحياء في ذلك الوقت هو أن معظمها لا يفعل الكثير والبعض يذهب إلى أنه
ليس له نشط. قدر واضعو خرائط الجينوم الأوائل
أن ما بين 1 إلى 2% من الحمض النووي يتكون من جينات كما تم تعريفها كلاسيكيًا: امتدادات
الجينوم التي ترمز للبروتينات، وهي العناصر الأساسية للجسم البشري التي تحمل الأكسجين
إلى الأعضاء المختلفة، وتبني عضلات القلب وخلايا المخ، والقيام بكل شيء آخر يحتاجه الإنسان للبقاء على
قيد الحياة. كما كان يُعتقد أن صُنع البروتينات هو الوظيفة الأساسية للجينوم. وتقوم
الجينات بذلك عن طريق وضع تعليمات التصنيع في جزيئات مرسلة تسمى mRNAs ، التي تنتقل بدورها إلى آلية صنع البروتين في الخلية.
أما بالنسبة لبقية الحمض النووي للجينوم فإن «مناطق ترميز البروتين» كان من المفترض أنها
«محاطة بمحيطات من تسلسلات عديمة الوظيفة بيولوجيًا». وبعبارة أخرى، كان في الغالب عليه هو الحمض النووي
غير المرغوب فيه. لذلك، كان الأمر بمثابة صدمة عندما ذكر فريق عمل ENCODE فى العديد من الأبحاث المنشورة أنه في وقت أو آخر،
يتم نسخ ما لا يقل عن 75% من الجينوم إلى RNAs) )
بدأ عمل الترميز، الذي يستخدم تقنيات يمكنها رسم خريطة لنشاط الحمض النووي الريبوزي RNA) ) الذي يحدث على طول أقسام
الجينوم، وتم التوصل إلى نتائج أولية في هذا الشأن. إلا أنه وبعد مرور فترة وجيزة،
أصبح مدى كل هذا النسخ واضحًا. إذا كان 1 إلى
2 % فقط من هذا الحمض النووي الريبوزي RNA) )
قوم بتشفير البروتينات.
هنا يبقى سؤال تم طرحه من قبل علماء الوراثة،
ما فائدة الباقي؟
ذكر العلماء أن بعضها ينفذ مهام حاسمة مثل
تشغيل الجينات أو إيقاف تشغيلها، الكثير من الوظائف الأخرى لم يتم تحديدها بعد. ومع
ذلك، لم يتخيل أحد أن ثلاثة أرباع الحمض النووي البشرى يتحول إلى RNA ناهيك عن أن الكثير منه يمكن أن يفعل أي شيء مفيد. وقد استقبل بعض علماء
الأحياء هذا الإعلان بتشكك يصل إلى حد الغضب. بل وصل الأمر إلى أنه تم اتهام فريق ENCODE بتضخيم النتائج التي توصل إليها. وانتقل الأمر إلى
أن جادل بعض النقاد بأن معظم هذا الحمض النووي RNA))
تم تصنيعه عن طريق الصدفة لأن إنزيم صنع الحمض النووي RNA))
الذي ينتقل عبر الجينوم لا يميز إلى حد ما فيما يتعلق بأجزاء الحمض النووي التي يقرأها.
الآن يبدو أن فريق ENCODE كان على حق في الأساس. حيث وجدت العشرات
من المجموعات البحثية الأخرى، التي تستكشف النشاط على طول الجينوم البشري، أن الكثير
من الحمض النووي لدينا ينتج RNA " غير المشفر". وهو لا يقوم بتشفير البروتينات، كما يفعل mRNA ولكنه يتفاعل مع جزيئات أخرى للقيام ببعض المهام البيوكيميائية. المفاجئة أنه فى عام 2020، اذاع فريق مشروع ENCODE أنه حدد حوالي 37600 جينة غير مشفرة، أي أن الحمض النووي يمتد مع تعليمات
لجزيئات الحمض النووي الريبي RNA) )
التي لا ترمز للبروتينات. وهذا ما يقرب من
ضعف عدد الجينات المشفرة للبروتين. وتختلف
الإحصائيات الأخرى بشكل كبير، من حوالي 18000 إلى ما يقرب من 96000.
وبالرغم من ذلك لا يزال هناك متشككون، ولكن فى المقابل
يوجد أيضًا علماء أحياء متحمسون وصفت هذه النتائج بأنها جزء من "ثورة الحمض النووي
الريبوزي". فى الواقع إن ما يجعل هذه الاكتشافات ثورية هو ما يفعله كل هذا الحمض
النووي الريبوزي غير المشفر ncRNA)) ويبدو أن جزءًا كبيرًا منها يرتبط بالفعل
بتنظيم الجينات: ليس فقط إيقاف تشغيلها أو تشغيلها، بل أيضًا ضبط نشاطها. لذلك، على الرغم من أن بعض الجينات تحمل مخططًا
للبروتينات، إلا أن ncRNA يمكنه التحكم في نشاط تلك الجينات وبالتالي تحديد
ما إذا كانت بروتيناتها مصنوعة أم لا. وهذا
بعيد كل البعد عن السرد الأساسي لعلم الأحياء الذي ساد منذ اكتشاف الحلزون المزدوج
للحمض النووي قبل حوالي 70 عامًا، والذي كان يدور حول الحمض النووي الذي يؤدي إلى البروتينات. وهذا ما ادى ببعض علماء الأحياء الجزيئية القول "يبدو أننا ربما أسيء فهم طبيعة البرمجة الجينية
بشكل أساسي".
وضمن الاكتشافات المهمة فى هذا الصدد أيضا
إكتشاف مهم آخر هو أن بعض ncRNAs يبدو أنها تلعب دورًا في المرض، على سبيل المثال،
من خلال تنظيم العمليات الخلوية المرتبطة ببعض أشكال السرطان. لذا يقوم الباحثون بالتحقق فيما إذا كان من الممكن
تطوير عقاقير تستهدف مثل هذه الجزيئات ncRNAs أو على العكس من
ذلك، أو استخدام ncRNAs نفسها كأدوية. إذا كان الجين
يشفر بروتينًا يساعد الخلية السرطانية على النمو، على سبيل المثال، فإن ncRNA الذي يوقف الجين قد يساعد في علاج السرطان.
لقد كان من المؤكد أن هناك عدد قليل من جزيئات الريبى غير المشفرة معروفة منذ عقود
عديدة، ولكن يبدو أن لها دورا ما في تصنيع البروتين.
على سبيل المثال، بعد سنوات قليلة فقط من استنتاج
فرانسيس كريك وجيمس واتسون والعديد من زملائهم بنية الحمض النووي، وجد الباحثون أن
بعض الحمض النووي الريبي، الذي يسمى الحمض النووي الريبي الناقل، يلتصق بالأحماض الأمينية
التي تتحد معًا في نهاية المطاف لتشكل بروتينات. ومع ذلك، فبعد أن أدرك العلماء أن ncRNA يمكنه القيام بأشياء لا علاقة لها ببناء البروتين. ظهرت هذه الأدوار الجديدة إلى الضوء من خلال الجهود
المبذولة لفهم عملية تعطيل كروموسوم X حيث يتم إيقاف أو تثبيط أحد كروموسومات X التي تحملها الإناث،
ويتم إيقاف جميع جيناته البالغ عددها 1000 أو نحو ذلك (في البشر). يبدو أن هذه العملية يتم التحكم فيها بواسطة جين
يُسمى XIST إلا أن محاولات العثور على بروتين XIST المقابل كانت تبوء
بالفشل باستمرار. وتبين أن السبب هو أن الجين لم يعمل من خلال البروتين، بل قام بذلك
عن طريق إنتاج جزيء RNA طويل غير مشفر lnc عادة ما تكون مثل
هذه الـ RNA أطول من حوالي 200 نيوكليوتيدات، وهي اللبنات الكيميائية للحمض النووي
الريبوزي DNA) ) والحمض النووي الريبي RNA)) وباستخدام تقنية الفحص المجهري
التي تسمى التهجين الموضعي الفلوري، أظهرت أن هذا الحمض النووي الريبي RNA)) يلتف حول كروموسوم X واحد (يتم اختياره عشوائيًا في كل خلية) للحث على
تغييرات مستمرة تعمل على تثبيط الجينات "، وكان هذا أول دليل على أن lncRNA يفعل شيئًا ما، وكان الأمر مفاجئًا تمامًا". وبالتالى إذا كانت جزيئات
الرنا غير المشفرة تعمل على تشغيل الطريقة التي تعالج بها الخلية المعلومات الوراثية،
فمن الممكن استخدامها في الطب.
ومع ذلك، فإن XIST ليس أمرًا غير معتاد
في إنشاء ncRNA ، حيث أصبح من الواضح أن نسخ تسلسلات الحمض النووي غير المشفرة منتشر على
نطاق واسع. على سبيل المثال، فإنه قد أصبح
يتم نسخ عدد أكبر بكثير من الكروموسومات البشرية 21 و22، مقارنة بمناطق ترميز البروتين
فقط. فبعد أن نشرت مجموعة ENCODE نتائجها، أصبح من
المستحيل تجاهل ncRNA فى حين يرى البعض، إن جزءًا من الكراهية
تجاه هذه النتائج هو أنها بدت وكأنها تعقيد غير مرغوب فيه وغير ضروري. فى الحقيقة "لقد رأى المجتمع البيولوجي أننا
نعرف بالفعل كيف تعمل الخلية، وبالتالي فإن اكتشاف ncRNAs كان أكثر إزعاجًا".
والأكثر من ذلك، فقد أظهرت نتائج الدراسات فى هذا الشأن أن الكائنات الحية الأبسط لم
تكن دائمًا دليلًا موثوقًا لبيولوجيا الإنسان: حيث يوجد عدد أقل بكثير من الحمض النووي
الريبوزي ncRNA في البكتيريا، والتي شكلت دراساتها منذ فترة طويلة التفكير حول كيفية
تنظيم الجينات.
إلا أنه لا تزال كيفية قيام lncRNAs بمثل هذا التنظيم
موضع نقاش أيضًا. حيث إن إحدى التفسيرات هي
أنها تساعد في تكوين ما يسمى بالمكثفات هي عبارة عن نقط سائلة كثيفة تحتوي على مجموعة
من الجزيئات التنظيمية المختلفة. يُعتقد أن المكثفات تحتجز جميع الريبى المعنيين في
مكان واحد لفترة كافية حتى يتمكنوا من القيام بعملهم بشكل جماعي. هناك تفسير أخر يرى
أن lncRNAs يؤثر على بنية الكروماتين، وهو مزيج من الحمض النووي والبروتينات التي
تشكل ألياف الكروموسوم في نواة الخلية. تحدد
كيفية تركيب الكروماتين أيًا من جيناته يمكن الوصول إليه ونسخه إذا
كانت أجزاء من الكروماتين معبأة بإحكام شديد، فلن تتمكن آلية النسخ الإنزيمية من الوصول
إليها. كما يبدو أن بعض الـ lncRNAs لها دور في معقدات
تعديل الكروماتين. ويقول علماء الوراثة المهتمين بهذا الأمر، الآن ليس هناك عودة إلى
الوراء:
فقد تم الإبلاغ عن عدة آلاف من الحمض النووي الريبوزي lncRNA البشري، ويشتبه في أن العدد الحقيقي أكبر من 500000. ومع ذلك، فقد تبين أن عددًا قليلًا منها فقط لديه
وظائف محددة، ولكن يظل هناك سؤالًا مفتوحًا حول عدد الوظائف التي تؤديها حقًا. ويعتقد بعض من العلماء أن كل تلك الـ RNA لها دور فردي. ومع ذلك، قد يعمل بعضها في مجموعات لتنظيم جزيئات
أخرى.
تابع موقع اجرى نيوز عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
اجرى نيوز ، موقع إخباري يقدم أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية وخدمات صحفية محترفة في الأخبار والاقتصاد والزراعة والعلوم والفنون والرياضة والمنوعات، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية.
لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، اخبار مصر ، اخبار الزراعة ، صناعة الدواجن ،الثروة الحيوانية، بنوك واقتصاد ،اجرى لايف ،مقالات ،منوعات، وخدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.