المطالبة بإنشاء مركز مرجعي لمراقبة نشر التركيبات
الوراثية الحيوانية بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني يعد توفير البيانات الخاصة بالموارد
الوراثية الحيوانية للأغذية والزراعة (AnGR) من المعارف الأساسية وتعتبر أمرًا
هاما للاستخدام المستدام لهذه الموارد وتنميتها والحفاظ عليها .
ومع ذلك، فإن توافر هذه البيانات لا
يكون متاحا في كثير من الأحيان لأولئك الذين يحتاجون إليها، سواء كانوا مربي الماشية أو غيرهم من أصحاب المصلحة الذين تؤثر قراراتهم على إدارة الموارد
الوراثية الحيوانية .
ويعني التطور المستمر لنظم الإنتاج الحيواني أن المعرفة
وتوافر البيانات الخاصة بالموارد الوراثية الحيوانية بحاجة إلى التحديث بانتظام
حتى يمكن تكييف الإدارة مع الظروف المتغيرة ومواجهة الأزمات. وبالتالي فان هناك
حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات منهجية ومنظمة تنظيماً جيداً لجمع ومعالجة ونشر
البيانات المتعلقة بالموارد الوراثية الحيوانية .
وفى البداية دعونا ننظر الى مجموعة من
النقاط التي يجب أن نضعها بعين الاعتبار حتى تساعدنا في رسم خارطة الطريق الصحيح في
صون وتنمية الموارد الوراثية الحيوانية في مصر
لا يتوفر تسجيل للسلالات المحلية في بنك خاص بالبيانات الخاصة بالموارد الوراثية الحيوانية، ولا تتوفر بيانات عن حجم وتركيبة السلالات.
إن قائمة جرد السلالات الموجودة لدينا غير مؤطره – ولا يجرى كشف مسوحات بشكل سليم للكشف عن السلالات وان يتم تسجيلها من قبل مركز قومي متخصص ملحق به بنك للجينات.
كان ولا يزال تصنيف السلالات المحلية يتم بشكل شامل مما يعني أن العديد من السمات القيمة ربما تظل غير معروفة أو غير موثقة.
لدينا دراسات متناثرة لمقارنة أداء السلالات بشكل غير فعال، مع الأخذ في الاعتبار بيئات الإنتاج التي يتم فيها الاحتفاظ بالحيوانات والمجموعة الكاملة من المنتجات والخدمات التي يتم تقدمها.
أصبحت السلالات المحلية لدينا الآن في وضع تم تصنيف غالبيتها على أنها معرضة لخطر الانقراض نظرا لعدم وجود قواعد سليمة وتشريعات للمحافظة على السلالات وعدم توافر قواعد للبينات بشكل علمي ومنظم يشمل خصائص السلالات وتسجيلها بشكل كامل.
التوزيع الجغرافي لمعظم السلالات الموجودة لدينا الآن على النطاق المحلى غير موثق بشكل جيد، مما يعيق الإدارة الفعالة: على سبيل المثال، في حالة انتشار الأمراض الوبائية أو غيرها من الكوارث.
تشهد أنظمة الإنتاج الحيواني في العالم تحولاً بمعدل غير مسبوق - مما يشكل تحدياً هائلاً أمام الإدارة المستدامة للموارد الوراثية الحيوانية ولسنا ببعيد عن ذلك التحول ولابد من الاستعداد ووضع الخطط اللازمة لمواجهة المخاطر والتحديات الناتجة عن أي تحولات.
حذرنا مرارا وتكرارا انه من المرجح أن يهدد تغير المناخ العالمي تنوع الموارد الوراثية الحيوانية وأن يزيد من أهميتها كأصل يمكن من خلاله تكييف الإنتاج الحيواني مع الظروف المتغيرة.
هناك العديد من النقاط الخاصة بالأليات والتنفيذ وغيرها من المواضيع التي لا يتاح ذكرها هنا لتنوعها وتداخلها وتهم بشكل اكبر المتخصصين في هذا المجال والعاملين عليه.
ولأننا لسنا بعيدين عن خطة العمل
العالمية للموارد الوراثية الحيوانية، التي تم اعتمادها كأول إطار متفق عليه
دولياً لإدارة الموارد الوراثية الحيوانية من قبل 109 بلدان في إنترلاكن، سويسرا،
في عام 2007، والتي أقرها بعد ذلك جميع أعضاء منظمة الأغذية والزراعة والتي يبلغ
تعدادها 191 بلداً فقد تلاحظ ما يلي:
إن فهم التنوع والتوزيع والخصائص
الأساسية والأداء المقارن والوضع الحالي للموارد الوراثية الحيوانية لكل بلد أمر
ضروري لاستخدامها وتنميتها والحفاظ عليها بكفاءة واستدامة. من الواجب أن تعد قوائم
الجرد الوطنية الكاملة، المدعومة بالرصد الدوري للاتجاهات والمخاطر المرتبطة بها
طبقا للسلالات، مطلبًا أساسيًا للإدارة الفعالة للموارد الوراثية الحيوانية.
ولا
شك في انه بدون هذه المعلومات الخاصة بجرد السلالات، قد تنخفض بعض مجموعات
السلالات والخصائص الفريدة التي تحتوي عليها بشكل كبير، أو قد يتم فقدانها، قبل
التعرف على قيمتها واتخاذ التدابير للحفاظ عليها.
إن اتفاقية التنوع البيولوجي للبلدان تدعو إلى تحديد ورصد التنوع البيولوجي لكل
دولة على حدي، ضمن التنوع البيولوجي الزراعي بشكل عام. إن البلدان الموقعة على اتفاقية
التنوع البيولوجي تقر بأن هذه الأنشطة أساسية لحفظ الموارد الجينية واستخدامها بالشكل
المستدام. كما تدعو، بالإضافة إلى ذلك، إلى تحديد ورصد العوامل التي تهدد أو من
المحتمل أن تهدد التنوع البيولوجي.
الى جانب تلك النقاط التي تم إثارتها فان ارتفاع أسعار الطلائق وتكاليف رعايتها
وسرعة نشر التراكيب الوراثية كلها عوامل ساعدت وتساعد في إنشاء ونشر مراكز لجمع
السائل المنوي وتجهيزه وحفظه وتداوله بالشكل السليم لإجراء عمليات التلقيح الاصطناعي،
كما أنه وسيلة لحفظ الموارد الوراثية للماشية المصرية حيث أنه يمكن الاحتفاظ
بالسائل المنوي لفترات طويلة. فبعد الحرب العالمية الثانية حدث الإستخدام الواسع للتلقيح الإصطناعى، وخاصة في
الماشية، والذي اعتبر من أهم التطورات في تربية الحيوان.
هذه التقنية وفرت فرصاً واسعة
ومهمة للمربين للحصول على نطف (سوائل منوية) من طلائق محسنة لا يستطيعون شراؤها
بسبب أسعارها المرتفعة. كما أن تطور طرائق
التحسين الوراثي للذكور، وخاصة طلائق ماشية الحليب، واستخدام الطلائق المختبرة
وراثياً، قد ساعدت على إحداث تحسين وراثي كبير في القطعان، ومن ثم إلى ارتفاع
المستويات الإنتاجية بسرعة فائقة.
هذا ويعد التلقيح الإصطناعى أحد الأدوات المساعدة في
تطبيق برامج صون وتحسين الموارد الوراثية المحلية والأجنبية بالقطر المصري،
فيستخدم فى حفظ الموارد الوراثية المحلية وكذا فى تحسينها وسرعة نشرها. وعملية التلقيح
الإصطناعى تهدف للاستفادة من جينات الطلائق عن طريق نقل الكثير من الصفات
الإيجابية قدر المستطاع إلى الإناث من ذريته مثل نسب البروتين والدهون في إنتاج
الألبان وصحة الضروع وتيسير عمليات الولادة وتقليل الإجهاض.
ونظرا لإن الثروة الحيوانية فى مصر
مبعثرة فى حيازات صغير وبالتالي لا تستطيع هذه الكيانات الصغيرة تربية طلائق نظرا
للكلفة الإقتصادية العالية وكذا صعوبة التعامل مع هذه الطلائق.
الأمر الأخر تستخدم هذه التقنية فى
عملية الخلط "الممنهج والمدروس" بين الحيوانات المحلية والأجنبية للحصول
على خلطان ذات إنتاجية عالية (على أن يكون ذلك تحت إشراف وإدارة وطنية خبيرة تهتم
بالحفاظ على الموارد الوراثية وإستخدامها الإستخدام الأمثل من خلال خطط قومية لذلك
– من خلال معهد بحوث الإنتاج الحيواني).
كما يمكن من خلال هذه التقنية نشر
صفات محسنة ومرغوبة بشكل كبير خاصة عندما يكون لدينا بعض الطلائق لها قدرة مرتفعة
على التوريث.
كما أن التلقيح الإصطناعى يجب أن يتم
بعد الفحص التناسلى الجيد والمتخصص للإناث لضمان خلوها من المشاكل التناسلية
والأمراض. من مزايا التلقيح الإصطناعى أنه يساعد فى تقييم الطلائق وتحديد صفاته
الوراثية وقدرته على التوريث حيث تتيح هذه التقنية نشر نسل الطلوقة بعدد كبير من
النتاج يصل للآلاف مما يوفر حجم ضخم من البيانات التى تستخدم للمساعدة فى زيادة
دقة التقييم والإختبار بالنسل لهذا الطلوقة وبالتالي نضمن أن تكون القيم التربوية
للطلوقة دقيقة بشكل كبير.
ولهذا انتشرت في الآونة الأخيرة بمصر
العديد من مراكز جمع السائل المنوي، لكن السؤال الذي يكمن هنا هو .... هل هذه
المراكز تقع تحت الرقابة اللازمة؟ سواء من ناحية تقييم المورد الوراثي أو من
الناحية الصحية؟
هل تتوفر البيانات التي يجب أن تتواجد
ويجب أن يتم تجميعها داخل أي مركز لتجميع السوائل المنوية (النطف) سواء من ناحية
التوزيع أو من ناحية متابعة نتائج النتائج من إستخدام هذه النطف في التلقيح؟
هل تستخدم هذه المعلومات في تقييم
الطلائق لضمان عملية التحسين الوراثي في الماشية المصرية؟
كل هذه أمور وتساؤلات أخرى يجب
الاهتمام بها لمراقبة ومتابعة هذه المراكز ومتابعة الملقحين الذين يقومون بعملية
التلقيح. لقد أصبح اليوم
التخصيب الإصطناعي أمراً روتينيا وعادياً، لكنها في الواقع أداة خطيرة ذات حدين
أحدهم نافع والأخر ضار.
إن ابسط القواعد التي يجب أن تتم في إطار هذا السياق هو أن يتوفر مركز مرجعي
لمراقبة نشر التركيبات الوراثية الحيوانية يدار بواسطة المتخصصين في تربية الحيوان والبيولوجية الجزيئية الى جانب أن يلحق به بنك خاص بجينات الموارد الوراثية
الحيوانية، وهذا ما يجب توفيره في المعهد المتخصص الوحيد على مستوى الجمهورية وهو
معهد بحوث الإنتاج الحيواني نظرا لتوفر المتخصصين في هذا الأمر بأقسام التربية
المختلفة بالمعهد. لذلك فإنني أطالب من هنا الاهتمام واتخاذ الإجراءات اللازمة
بأسرع ما يمكن نحو إنشاء مركز مرجعي لمراقبة نشر التركيبات الوراثية الحيوانية.
الأستاذ الدكتور/ فوزي أبودنيا
مدير معهد بحوث الحيوان الأسبق