يعتبر التين الشوكي من النباتات التي تنمو في البيئات الجافة نظرا لقلة احتياجه للمياه بكثرة، كما انه نبات عديد الاستخدام حيث يستخدم غذاء للإنسان وعلفا للحيوان ومصدرا للوقود ومخزنا للكربون، وبحسب الدراسات التي أجريت على هذا النبات فانه بجانب خواصه الفريدة والتي قد تجعل نبات التين الشوكي على رأس قائمة المحاصيل الزراعية التي يزداد الاهتمام بها لمجابهة التغيرات المناخية في المستقبل.
كان التين الشوكي يزرع قديما كسياج لحماية المزروعات من اعتداء البشر والحيوانات كما تستخدم ثماره كفاكهة للإنسان. حيث يتراوح طول شجيرة التين في المتوسط بين 1.5 و3 أمتار، وفروعه (الألواح أو "المجاديف") مسطحة وذات لون أخضر، ويتراوح لون ثماره بين الأصفر والأحمر والأرجواني، والتي تحتوي على بذور صغيرة. ويمكن لشجيرة التين الشوكي تحمل الجفاف والبقاء على قيد الحياة بأقل من 50 مليمترا من الأمطار في السنة، ولكن من دون نمو ولا إنتاج. في أوائل القرن الماضي،
انتشر استخدام التين الشوكي على نطاق واسع في البرازيل لإنتاج الألبان والأبقار والأغنام والماعز وفى الأنواع التي تحتوي على أشواك كثير وقوية فقد كان يتم حرق الأشواك بهدف تحسين الاستفادة من التين في تغذية الماشية، بجانب أن الحيوانات أيضًا تأكل الثمار الصغيرة قبل أن تصبح الأشواك صلبة.
ينتمي التين الشوكي إلى جنسOpuntia وهناك العديد من الأنواع، كما استنبط حديثا أنواع هجينة من التين الشوكي - والتي تزدهر في المناطق القاحلة لاستخدمها كعلف للحيوانات. مع وجود تباين كبير في الحجم ولون الثمرة والأشواك، كما تنتج جميع الأنواع ثمارًا صالحة للأكل ثمار وأوراق. إلا انه نظرًا لقدرة هذا النبات على مقاومته للجفاف وتحمله للملوحة وإنتاجيته العالية، فقد تم تقييم التين الشوكي منذ فترة طويلة خاصة في المناطق الجافة في البرازيل كمواد علفية خلال فترات الجفاف.
ويمثل متوسط هطول الأمطار السنوي الذي يتراوح بين 100 و150 مليمترا الحد الأدنى المطلوب للنجاح في إنشاء مزارع التين الشوكي البعلي، بشرط أن تكون التربة رملية وعميقة، وهذه الظروف المناخية تتوفر في معظم الدول العربية وتتوفر لدينا على طول الساحل الشمالي بمصر الذى يمكن أن يتم فيه إنشاء غابات كثيفة منتجة للأعلاف الحيوانية خاصة الأغنام والإبل والماعز في هذه المنطقة بجانب الأنواع الأخرى من الأعلاف الشجيرية البقولية التي تكون أوراقها غنية بالبروتين.
ومع ذلك، فقد حددت الأبحاث الجديدة النبات كعنصر منتظم محتمل في النظام الغذائي للحيوانات المجترة خاصة (الإبل – الأغنام - الماعز). إلى جانب قدرة النباتات على التكيف مع مدى واسع من الظروف البيئية، كما أن هناك اهتمام متزايد بالنبات كمادة علفية. تؤكد الدراسات أن هكتارا واحدا من هذه النبتة يمكنه احتواء ما يقرب من 180 طنا من الماء. إضافة الى إمكانية استخدام ثمار التين الشوكي مادة أولية قابلة لإنتاج الوقود الحيوي ومقاومة التغيرات المناخية، بجانب أنها الغذاء للإنسان والحيوان. كما يجب معرفه إن "ما يقرب من 42% من مساحة الأرض حول العالم مصنفة على أنها شبه قاحلة أو قاحلة، "وهناك إمكانات هائلة لزراعة نبات التين الشوكي لعزل الكربون". ويعمل الباحثون على استخدام جينات التين الشوكي لتحسين كفاءة استخدام المياه للمحاصيل الأخرى ومقاومتها للجفاف، عبر إكسابها إحدى الأساليب التي تحتفظ بها هذه النبتة بالماء، وهي إغلاق مسامها أثناء حرارة النهار لمنع التبخر وفتحها ليلا للتنفس. وتتنبأ نماذج تغير المناخ العالمي بأن أحداث الجفاف الطويلة الأجل ستزداد مدتها وشدتها، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه المتاحة. وهذا مؤشر على أن المستقبل قد يحمل معه اهتمام متزايد وكبير بهذا النبات خاصة في المناطق القاحلة والجافة.
ملخص للدراسات التي جريت على استخدام التين الشوكي كعلف للمجترات
في الدارسات التي قام بها فريق العمل من زملائي العاملين معي بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني على استخدام التين الشوكي كعلف للحيوانات المجترة (الواح – قشور الثمار) فقد أظهرت لنا النتائج انه من الأفضل عند تغذية التين الشوكي فانه يجب مزجه مع الأعلاف ذات الجودة المنخفضة، حيث إنه يساعد في تحسن تناول المواد الغذائية وهضمها ومعدلات الأداء للحيوانات مثل النمو. الأبحاث التي أجريناها بهذا الصدد كانت تهدف الى الاستفادة من العناصر الغذائية والماء بنبات التين الشوكي لتعظيم الاستفادة من قش الأرز أو الأعلاف الجافة الفقيرة عموما. في الدارسات التي قمنا بها تم هيلجة قش الأرز المخلوط بألواح التين الشوكي أو تلك التي تم خلطها بقشور ثمار التين الغنية بالكربوهيدرات والتي تم استغلالها بديلا للمولاس أو حبوب الذرة المجروش كمصدر للكربوهيدرات. وتظهر الدراسات الأخرى التي تمت في هذا الصدد بان محتوى التين الشوكي من العناصر الغذائية يختلف باختلاف الأنواع ومرحلة النمو، كما يتميز النبات بمحتواه العالي من الرطوبة. وأيضا تحتوي على الطاقة والألياف والمعادن، ولكنها منخفضة في محتواها من البروتين. ولكون الواح التين الشوكي غنية بالمياه (حوالي 90%)، فهي تمثل خيارًا فعالاً من حيث التكلفة لتوفير المياه للماشية في المناطق الجافة. مع مثل هذا الإنتاج المرتفع من الكتلة الحيوية (حوالي 60 ضعفًا مقارنة بإنتاجية المراعي)، وبالتالي من الممكن إنتاج علف كافٍ للحفاظ على 4-5 أبقار سنويًا أو 25 راس أمهات أغنام.وبالتالي فانه من الممكن لمزرعة صبار صغيرة مزروعة بكثافة أن تنتج ما يكفي من العلف، مما يتيح فرصة للاستثمار بهذا المجال في المناطق الصحراوية الجديدة. البصمة المائية للصبار أيضًا منخفضة جدًا مقارنة بالمحاصيل الأخرى. بالنسبة لأنظمة إنتاج التين الشوكي والممارسات الزراعية لإنتاج الواح التين كعلف للحيوانات، خاصة في الأراضي الجديدة حتى وان تم زراعتها كسياج حول الزراعات فانه من النصائح التي نوليها اهتمام كبير في هذا الإطار. إلى جانب الماء، تحتوي أغصان التين الشوكي على نسبة عالية من السكريات والرماد والفيتامينات مثلA وC، ولكنها منخفضة في محتواها من البروتين الخام (CP؛ 3-5٪) والألياف الخام. واغلب النيتروجين الموجود في النبات يكون على شكل نيتروجين غير بروتينيNPN.
كما تشير الدراسات التي تمت للاستفادة من التين الشوكي كعلف للمجترات، انه بالنسبة لأنظمة الإنتاج الغذائي المستدامة بما في ذلك أنظمة الإنتاج الحيواني، فإن زراعة التين الشوكي لها مكانة خاصة في الأراضي الجافة. حيث أن ندرة المياه وتدهور المراعي في المناطق الجافة تهدد الإنتاج الحيواني. وبالتالي فان توفر الأنواع المعمرة المتكيفة مثل التين الشوكي تمثل فرصًا لتحسين توافر العلف في هذه المناطق. حيث تشير الدراسات التي تمت في المناطق الجافة الى إمكانية أن ينتج التين الشوكي كتلة حيوية تتراوح من 20 طنًا من المادة الجافة (DM) إلى 200 طن هكتار/سنة. هذا التباين الواسع في الحقيقة يرجع للصنف ونظام الزراعة (أي عوامل وراثية مع عوامل بيئية). بالنسبة لنا في مصر فإننا نمتلك مساحات شاسعة من الأراضي سواء على طول الساحل الشمالي أو في الصحراء الغربية والشرقية، إلا أن الجفاف وندرة المياه تعيق استثمار هذه الأراضي في المجال الزراعي وقد كنت تقدمت للوزارة في فترة سابقة بمشروع حول الاستزراع الحيواني في تلك المناطق القاحلة يعتمد على زراعة التين الشوكي والتكامل مع بعض الزراعات والأنشطة الأخرى لإنتاج اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك في هذه المناطق. في الواقع إن تطبيق مثل هذه المشاريع يمكن أن يسهم في حل مشكلة اللحوم وإنتاج عسل النحل وغيرها من المنتجات للأنشطة المختلفة وتوفير فرص عمل للشباب وفتح مجال جديد للتوسع العمراني والمجتمعي بدلا من ازدياد الكثافة السكانية في المناطق القديمة.
خصائص نبات التين الشوكي كعلف للمجترات وكيفية تعظيم إنتاجيته والاستفادة منه
- انخفاض محتوى CP الخاص به. - مستساغ بدرجة كبيرة.
- نسبة محتواها من Ca:P عالية.
- تختلف القيمة الغذائية لكفوف التين الشوكي باختلاف الأنواع والأصناف، كما أنها تختلف حسب الموسم والحالة الزراعية والتربة وهطول الأمطار والتسميد وغيرها.
- الألواح التي يتراوح عمرها من عام إلى ثلاثة أعوام يكون محتواها من الماء مرتفعة خلال الشتاء والربيع (85-90%)، لكنها تكون منخفضة في الصيف (75-85%)؛ وكلما كانت الألواح أصغر سنًا، زاد محتواه المائي.
أدى توفير الأسمدة الكيماوية (الأمونيت والسوبر فوسفات) إلى زيادة محتوى CP بالكفوف من 45 إلى 105 جم / كجم مادة جافة. تم أيضًا عمل برامج تربية لبعض أصناف التين الشوكي لزيادة محتوى البروتين في الألواح إلى 10٪. محتوى الكربوهيدرات يصل تقريبا الى 60%، مستوى البيتا كاروتين تقريبًا 0.65 مجم / 100 جم مادة جافة. يعتبر محتوى الصمغ بالألواح مرتفع (6-13 جم / كجم مادة طازجة)، ويكون تركيز الصمغ في الصيف أعلى مرتين تقريبًا منه في الشتاء. المعروف أن الصمغ النباتي يقلل من إفراز اللعاب في المجترات، مما يتجنب الانخفاض السريع في درجة الحموضة في الكرش التي تسببها المواد الغذائية الأخرى الغنية بالكربوهيدرات القابلة للذوبان، مثل المولاس، الذي يسبب ارتفاع حموضة الكرش في الحيوانات المجترة، لأنها منخفضة أو خالية من الصمغ. بالإضافة الى ذلك يتراوح محتوى الألياف الذائبة في المحلول المتعادل من 18 إلى 30%. بينما تتراوح محتويات الألياف الذائبة في الحامض ومحتويات اللجنين من 12-20% و1.5-4.0% على التوالي.
الكميات المقترح تقديمها من التين الشوكي كعلف للماشية
وتقدر مكعبات ثمار التين الشوكي بنحو 0.6% وحده علفية وعند تقديم المكعبات العلفية المصنعة من ثمار التين الشوكي يجب توفير كمية من العلف المركز تقدر بنحو 50 إلى 75% بالإضافة إلى خفض كلفة التغذية بنسبة 20% بالنسبة للمجترات الصغيرة من الأغنام والماعز وتقدم للحيوانات بعد رجوعها من المرعى، وتقدر الكميات المستهلكة من المكعبات العلفية المصنعة من ثمار التين الشوكي يوميا بـ250 إلى 350 جراما بالنسبة للأغنام والماعز، حيث وجد أن استهلاك الأغنام أو الماعز للمياه ينخفض الى الصفر عندما تصل كمية العلف المتناولة إلى نحو 300 جرام وزناً جافاً من التين الشوكي يومياً. بينما يمكن تقديم كميات أكبر من 600 جرام إلى 800 جرام يوميا للأبقار المحلية، و300 جرام للأبل.إرشادات لاستخدام الواح التين الشوكي في علائق المجترات
إن استخدام الواح التين كعلف يمكن أن يقلل من استهلاك الماشية للماء، لذا يجب الانتباه إلى محتواها المائي العالي. يجب ألا تستهلك المجترات كميات كبيرة من الواح التين، حتى لا يؤدي إلى إصابة الحيوانات بالإسهال خاصة في فصل الصيف. ولذلك فمن المستحسن خلطها بالمواد الغذائية الليفية مثل الأتبان وقش الأرز. أيضًا، نظرًا لأن الألواح منخفضة النيتروجين وعالية في محتواها من الطاقة، فمن الضروري استكمالها بمصادر غنية بالنيتروجين. يعد استخدام المكملات النيتروجينية (أوراق الشجر مثل الاتربلكس واكساب البذور الزيتية، واليوريا) في الأنظمة الغذائية التي يدخل ضمن مكوناتها الواح التين الشوكي هو الخيار الأكثر اعتمادًا حاليًا، وقد لوحظت استجابات إنتاجية جيدة في الحيوانات المجترة. على عكس محاصيل الأعلاف الأخرى التي تحتاج عند تخزينها تحويلها لصورة تبن أو سيلاج، فإن التين الشوكي هو محصول دائم الخضرة ويمكن استخدامه على مدار العام حيث أن لديه القدرة على الاحتفاظ بالمياه داخل الخلايا لفترة طويلة. بالإضافة الى انه يمكن قطع ألواح التين وتقديمها للحيوانات مباشرة. يعد أسلوب الاستهلاك المباشر هو الأسلوب الأكثر استخدامًا لتغذية الحيوانات على الواح التين. يمنع الهدر والرعي المفرط. نظرًا لأن الواح التين غنية بالمياه، لذا فإنه يلعب دورًا حاسمًا في البيئات القاحلة كبديل لمياه الشرب. وفي المناطق الجافة، هناك ندرة في المياه واستخدام التين الشوكي كعلف يعزز الإنتاج الحيواني في مثل هذه البيئات القاسية كما ذكرنا أنفا.أضرار الإسراف في استخدام الواح التين الشوكي في تغذية المجترات
استهلاك كميات كبيرة من المادة يمكن أن يؤدي إلى الإسهال (الإسهال) في الماشية، ولكن ليس بما يكفي للتسبب في المرض. عند تناول الواح التين بمفردها خاصة التي تحمل كمية كبيرة من "ثمار التين الكمثرية" فإنها تجعل الألياف غير المهضومة في الكرش تتكتل في صورة كرات، مما قد يؤدي إلى حدوث انسداد بالقناة الهضمية. وفي كلتا الحالتين، يمكن منع هذه المشاكل عن طريق استخدام بعض الأعلاف البديلة.ا. د. فوزي أبو دنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني