على
الرغم من النقص الحاد والكبير في تعداد الثروة الحيوانية في مصر خلال السنوات
القليلة الفائتة حيث يشير آخر إحصاء لوزارة الزراعة في مصر، أن حجم الثروة
الحيوانية في مصر قد بلغ نحو 8.1 مليون رأس وذلك بعد أن كان التعداد السابق 18
مليون راس، وتمثل الأنواع الحيوانية طبقا لأعدادها النسب التالية (الأبقار 34 %،
الجاموس 17%، الأغنام 24 %، الماعز 14 %، الجمال 0.2، والدواب 0.6 %)، فان أمامنا
فرصة ولو ضئيلة وأرجو ألا تكون الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اجل الأجيال
القادمة والحفاظ على مواردنا الوراثية.
فعلى الرغم من هذا التنوع للسلالات المحلية
للثروة الحيوانية في مصر، إلا أن إنتاجيتها من اللحوم والألبان لا يلبى الاحتياجات
المتزايدة للمستهلكين، نتيجة تدنى قدراتها الإنتاجية، حيث أن نحو 80 % من إجمالي
الثروة الحيوانية تربى تحت نظام الإنتاج الريفي الأسرى، وقد أدى نقص الإنتاجية
نتيجة عدم وجود برامج تحسين وراثي على المستوى القومي وكذلك ضعف الموارد العلفية
المتاحة الى اتساع الفجوة الغذائية من المنتجات الحيوانية خاصة اللحوم الحمراء وبالتالي زيادة الاستيراد. يأتي هذا في ظل تطور التقنيات الحيوية التي يمكن أن
تسهم في تسريع برامج التحسين الوراثي الكلاسيكي والأداء التناسلي والإنتاجي
للحيوانات المحلية في وقت قصير.
الاهتمام ببرامج
التحسين الوراثي الكلاسيكي
في
الواقع، ولعدة عقود ساد الاعتقاد بان البلدان المتقدمة يمكنها مساعدة البلدان
النامية في تحسين مواردها الوراثية الحيوانية عن طريق إدخال سلالات تم الانتخاب
فيها بشدة وتكوين عشائر أصيلة أو خليطة منها لتحل محل السلالات المحلية. وقد أظهرت
الخبرات ان مثل هذه الاستراتيجيات شابها الكثير من المآخذ حيث تكون هذه
الاستراتيجيات فعالة فقط في حالة ما إذا كانت منظومات الإنتاج في البلد النامي
قادرة على توفير المدخلات شبيهة بتلك التي في بلاد المنشاء، والا فان السلالات
المدخلة هذه وخلطانها غالبا ما تتعرض الى عوامل إجهاد شديدة هي غير متأقلمة عليها
(مثلا نقص الغذاء، والأمراض ومناخات متطرفة ورعاية غير ملائمة. الخ) واتبع هذا
الفشل فشل في استراتيجيات التنمية المجتمعية الريفية التي لا هي التي ظلت محتفظة
بسلالاتها المعتادة عليها ولا هي التي نجحت في الحفاظ على السلالات المستوردة. على
الجانب الأخر يمكننا ان نقول، لم تنجح الدول النامية في تحقيق برامجها للتحسين
الوراثي في عشائر حيواناتها المحلية، ويرجع ذلك في حقيقة الأمر الى أن سلالات تلك
البلدان لا تخضع لبرامج تحسين وراثي مهيكلة مثلما يحدث في البلدان المتقدمة.
وعلينا أن ندرك جيدا أن يكون التحسين الوراثي مصحوبا بتحسين في الإدارة حيث ان نصف الزيادة المحققة في الإنتاجية تكون نصفها
من التحسين الوراثي والنصف الأخر من لتداخلات غير وراثية (تغذية – رعاية.. الخ)، كما أن الحيوانات مرتفعة
الإنتاجية تحتاج الى مستويات اعلى من الغذاء والرعاية.وقد أثبتت برامج التحسين الوراثي للثروة الحيوانية في الدول المتقدمة، أن تقنية قطيع النواة، تعتبر الأسلوب الأمثل للتحسين الوراثي للسلالات المحلية من الحيوانات، عن طريق الانتخاب الشديد من داخل السلالة، ونشر الطلائق ذات التراكيب الوراثية المحسنة، القادرة على تحسين الأداء وتحمل الإجهاد الحراري نتيجة التغيرات المناخية. حيث يعتبر قطيع النواة بنكاً للجينات والأصول والموارد الوراثية المتميزة للسلالات المحلية، والتي يجب الحفاظ عليها وصيانتها وتنميتها ونشرها بين قطعان المربين في المنطقة، فضلاً عن نقل وتوطين تطبيقات التقنيات الحيوية الحديثة، وتجارب الدول السابقة في التنمية المستدامة لقطعان حيواناتنا المحلية، وتأهيل الكوادر البشرية لإعداد جيل من شباب الباحثين قادر على توظيف التقنيات الحيوية، وإمكانية تنفيذ تلك الاستراتيجية في بيئتها الأصلية.
إنشاء مركز وطني مرجعي
للرقابة على الموارد الوراثية الحيوانية
تعد
الرقابة على حركة الموارد الوراثية داخل الإقليم المصري من الأمور الهامة للحفاظ
على مواردنا الوراثية الحيوانية كما يعد حفظ وصيانة الأصول الوراثية للسلالات
المحلية من الحيوانات، والمتأقلمة على الأجواء المصرية وحمايتها من الاندثار،
بالخلط العشوائي المتكرر مع سلالات أخرى من الأمور الهامة التي تأخر كثيرا
الاهتمام بها. وفى سياق هذا الأمر اقترحت كثيرا إنشاء مركز وطني مرجعي للرقابة على
الموارد الوراثية الحيوانية في مصر إلا أن أحد لم يستجيب أو يحرك ساكنا وإذا عرض
الأمر ترى في المقدمة من بددو مواردنا الوراثية بالخلط العشوائي يرددون نغمة عدم
توفر موارد مالية لإقامة مثل هذا المركز وان من الصعب إقناع المسئولين عن الثروة
الحيوانية في مصر وهكذا تموت الأفكار في بلدنا.وفى النهاية نصل الى نتيجة مأساوية وهي تجاهل أهمية التحسين الوراثي لتحقيق التنمية المستدامة لقطاع الثروة الحيوانية، والتي تم إرساء محاور تطبيقاتها بالاستراتيجية المحدثة للتنمية الزراعية المستدامة في مصر2030، وتعظيم الاستفادة من الموارد الوراثية الحيوانية المتاحة. من الضروري تفعيل تطبيقات التقنيات الحيوية في برامج التحسين الوراثي.
الدكتور فوزي أبودنيا
مدير معهد بحوث الإنتاج الحيواني الأسبق
تابع موقع اجرى نيوز عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
اجرى نيوز ، موقع إخباري يقدم أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية وخدمات صحفية محترفة في الأخبار والاقتصاد والزراعة والعلوم والفنون والرياضة والمنوعات ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية.
لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، اخبار مصر، اخبار الزراعة، صناعة الدواجن، الثروة الحيوانية، بنوك واقتصاد، اجرى لايف، مقالات، منوعات، وخدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.