هناك سؤال يطرح نفسه وبقوة منذ فترة طويلة لكنه الآن أصبح شديد القوة وشديد الاهتمام، وهو هل تستطيع النباتات التواصل مع بعضها البعض؟
لفهم كيف تنقل الكائنات الحية التي لا تستطيع الكلام المعلومات إلى بعضها البعض، من المهم أن نفهم أن البشر لديهم أيضًا نظام تواصل غير لفظي، يشمل ذلك حواسنا للبصر والشم والسمع والتذوق واللمس.
على سبيل المثال، تضيف شركات الغاز الطبيعي مادة كيميائية إلى الغاز الطبيعي بالمنازل، مما يمنحه رائحة "البيض الفاسد" المميزة لتحذيرنا من التسربات.
أيضًا كيف تطورت لغة الإشارة، وأصبح العديد من الأشخاص ماهرون في قراءة الشفاه، بالإضافة إلى هذه الحواس، لدينا أيضًا الحس بالتوازن (القدرة على الحفاظ على التوازن ووضعية الجسم)، والحس الذاتي (الإحساس بالوضع النسبي وقوة أجزاء الجسم)، والحس الحراري (الإحساس بتغيرات درجة الحرارة)، والإحساس بالألم (القدرة على استشعار الألم).
كل هذه القدرات مكنت البشر من أن يصبحوا متطورين للغاية في التواصل والتفاعل مع العالم الطبيعي. تستخدم الأنواع الأخرى، وخاصة النباتات، حواسها لنشر المعلومات بطريقتها الخاصة.
بالفعل النباتات يمكنها التواصل مع بعضها البعض بشكل متكرر، ويمكن للنباتات التحدث إلى جميع النباتات الأخرى، ولا تقتصر المحادثة على النباتات من نفس النوع. لا تستخدم النباتات الاهتزازات للتواصل كما تفعل الحشرات والكائنات الحية الأخرى. بدلاً من ذلك، تطلق مركبات عضوية متطايرة (VOCs)، وهو نوع من الرائحة يسمى kairomone، من أزهارها وأوراقها وجذورها. هذه الرائحة تحتوي العديد من المركبات التي توفر إشارات للنباتات الأخرى القريبة لتزويدها بمعلومات محددة أو لتحذيرها من هجوم محتمل من الكائنات الحية.
إذا كانت حشرة تتغذى على أوراق نبات، فإن هذا النبات يطلق مركبات عضوية متطايرة محددة لتحذير النباتات الأخرى القريبة. إذا قرر الإنسان كسر قطعة من نبات بلا مبالاة، فإن النبات يطلق تحذيره مرة أخرى لجميع النباتات القريبة من الخطر المحتمل. لان النبات لا يستطيع النهوض والهرب، لذا فإن التركيز كله يكون منصب على الدفاع.
ويمكن أن يتخذ الدفاع شكل رد فعل جسدي، مثل تقوية جدران الخلايا لتوفير حاجز أقوى وأكثر قوة، أو تفاعل كيميائي ينتج مركبات سامة لردع الحيوانات العشبية ومسببات الأمراض، في الواقع، فان التواصل لا يكون بين نبات وآخر فقط بل أيضًا مع الأنواع غير النباتية، مثل الكائنات الحية الدقيقة المحيطة بها. حيث ترسل النباتات عمدًا إشارات من جذورها إلى التربة لجذب بعض الكائنات الحية الدقيقة المفيدة لنموها وتطورها - في الأساس، دعوة إلى ميكروبات "جيدة" للانتقال إلى النبات كما ينتقل الإنسان إلى شقة جديدة. وفى الواقع تستفيد النبات بطرق عديدة عندما ينتقل المستأجرون المناسبون.
إنهم يساهمون في حماية النبات، ويمكنهم المساعدة في تنظيم إنتاج الخلايا والهرمونات، ويمكنهم تسهيل نمو الجذور، حتى يتمكن النبات من استكشاف منطقة أوسع من التربة.
اللغة السرية للنباتات
يأمل علماء النبات أن يتمكنوا عمليًا من تسخير عملية التواصل لدى النباتات لزيادة قدرتها على الصمود، وهو عنصر أساسي في مشروع RhizoTalk الممول من الاتحاد الأوروبي والذي يعمل عليه.
العديد من العلماء فى التخصصات المختلفة التى ترتبط بهذا الموضوع حيث يعمل العلماء حاليا بسرعة على تطوير الأدوات الجزيئية لفهم التواصل لدى النباتات، ويتم ذلك من خلال مراقبة التعبيرات الجينية للنباتات، حيث يشبه الأمر فك شفرة لغة، وفى الحقيقة تعمل جينات النبات كنوع من حجر رشيد لمساعدة العلماء على التوجيه، وبمجرد أن يتعرف العلماء على المسار الجزيئي لإنتاج المركبات العضوية المتطايرة، فانهم يأملون في فك شفرة اللغة السرية للنباتات.

وبمجرد إتقانها، يمكن للعلماء توجيه عملية التواصل لدى النباتات بشكل عملي، على سبيل المثال، لحمايتها بشكل أفضل من الطفيليات. إن مجرد تعديل طفيف في الحمض النووي للنبات يعني أن الطفيل لن يكون قادرًا على التعرف على النبات كمضيف قابل للحياة.
وفى الحقيقة هذا من شأنه أن يجعل المبيدات الحشرية عتيقة، وبالإضافة إلى زيادة القدرة على الصمود، فإن العمليات التي تقوم عليها عملية التواصل بين النباتات قد توفر بدائل طبيعية للعديد من الجزيئات المصنعة كيميائياً والتي تستخدم في تصنيع الدهانات والمنظفات، إلى جانب المبيدات الحشرية.
وسوف يكون هذا طموحاً كبيراً بالنسبة للعلماء في هذا الشأن على مدى السنوات العشر المقبلة، هذا هو الأمر قد يبدو نزهة في غابة هادئة ، ولكنك الأمر ليس كذلك على الإطلاق ــ فقد تتحدث الأشجار عنك.
ا. د. فوزى محمد أبودنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني