توفر الثروة الحيوانية فوائد غذائية قيمة للإنسان بالإضافة إلى دعم سبل العيش وقدرة الأسر والمجتمعات على الصمود ومن المتوقع أن يتزايد الطلب على المنتجات الحيوانية مع تزايد عدد سكان العالم. ومع ذلك، فإن الإنتاج الحيواني في جميع أنحاء العالم يتزايد أيضًا استجابة لطلبات السكان في طلب الرفاهية بشكل متزايد والذين يشهدون ارتفاعًا كبيرًا في الاستهلاك المفرط. طبقا لقاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة فقد حدث تضاعف للطلب على الأغذية ذات المصدر الحيواني في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أكثر من أربعة أضعاف في الفترة من 1970 إلى 2012.
وعلى الرغم من تباطؤ النمو، فقد كان من المتوقع أن يرتفع الطلب بنسبة 35 % عن مستويات عام 2012 بحلول عام 2030، وبنسبة 50 % بحلول عام 2050. وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت في كفاءة الإنتاج، فإن انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن الثروة الحيوانية آخذة في الارتفاع. الى هذا الإطار يشير التقرير الخاص الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام (IPCC - 2019) إلى انبعاثات كبيرة ناجمة عن قطاعات الزراعة والغابات واستخدامات الأراضي الأخرى، ومن الثروة الحيوانية على وجه الخصوص، والتي تولد ما يقرب من 15 % من تلك الناجمة عن الموارد البشرية المنشأ عالميا. في الواقع فإن انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن الماشية تمثل حوالي ثلثي هذه الانبعاثات طبقا لتقارير (منظمة الأغذية والزراعة).
ولذلك من المتوقع أن تشمل الالتزامات الوطنية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة أنظمة الأغذية الزراعية الحيوانية في خطط التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه. على الرغم من ان العمل الناجح بشأن تغير المناخ من خلال العمل العملي في نظم الأغذية الزراعية الحيوانية يعد أولوية ملحة، لكن يجب ألا يأتي على حساب أهداف الاستدامة الأخرى، لا سيما تلك المتعلقة بالقضاء على الفقر وتحقيق القضاء على الجوع بحلول عام 2030. ومن ثم هناك حاجة إلى تحقيق فوائد التوازن ASF Animal-source food للأغذية حيوانية المصدر وتربية الماشية على التغذية والصحة والرفاهية، مع الحاجة الملحة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة لمعالجة أزمة المناخ، التي تهدد أيضًا الأمن الغذائي.
يمكن أن تساعد "الثروة الحيوانية منخفضة الكربون" على تحقيق التوازن الذي من خلاله يتم إنتاج الأغذية حيوانية المصدر، مثل اللحوم والحليب والبيض والجبن واللبن - وهي مصادر للعناصر الغذائية الأساسية – للذين يعانون من الفقر والجوع والذين يعانون من سوء التغذية، ولكن يتم إنتاجها بطريقة تقلل إلى أدنى حد من الناتج الإجمالي للغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وعلى الرغم من وجود العديد من الفرص للحد من الانبعاثات المرتبطة بالثروة الحيوانية، فإننا سوف نلقى الضوء فى هذا الموجز تحديدا على خمسة مجالات رئيسية للعمل العملي تجاه الثروة الحيوانية منخفضة الكربون للمساعدة في تركيز الجهود العالمية لتحقيق هذا الهدف لخفض الغازات الدفيئة الرئيسية الثلاثة المنبعثة من أنظمة الثروة الحيوانية هي الميثان (CH4)، وأكسيد النيتروز (N2 O)، وثاني أكسيد الكربون (CO2) - مما يجعل انبعاثات هذه الغازات الثلاثة أهدافًا ذات أولوية للحد منها. يعد الميثان هدفًا مهمًا بشكل خاص لأنه غاز دفيئ قوي للغاية (رغم أنه قصير العمر)، وبالتالي في السباق لإدارة ظاهرة الاحتباس الحراري، يمكن أن يؤدي تقليل انبعاثات الميثان إلى تحقيق عوائد سريعة.
وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى أن ممارسات الإدارة المحسنة وحدها يمكن أن تقلل من صافي الانبعاثات الصادرة عن أنظمة الثروة الحيوانية - وخاصة غاز الميثان - بنحو 30 %. ومن أجل تحقيق فائدة عالمية أكبر، يمكن تحقيق نتائج أفضل، وبسرعة أكبر، من خلال نهج تكاملي وذلك من خلال تحسين مجالات العمل المتعددة في نفس الوقت. وهذا يعني دعم الدولة لأصحاب المصلحة في جميع أنحاء نظام الأغذية الزراعية لتصميم حلول متكاملة للحد من الانبعاثات الناجمة عن الثروة الحيوانية، ومساعدتهم على تحديد الأهداف وتحقيقها.
من المتوقع أن ترفع الدولة خلال الفترة القادمة طموحاتها للحد من انبعاثات غازات الدفيئة الوطنية والتكيف مع آثار تغير المناخ، وذلك بمساهماتها المحددة وطنيا. على الرغم من أن هذا النطاق يمثل تحديًا، في ظل الأزمة المالية الحالية، ونظرًا لصعوبة وضع تقديرات أساسية لانبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالثروة الحيوانية وفي تتبع التغيرات في هذه الانبعاثات.
ومع ذلك، يعد هذا ضروريًا للمساعدة في تحديد أهداف ملموسة وخريطة طريق للإجراءات العملية لتحقيق هذه الأهداف بطريقة مستدامة اقتصاديًا وبيئيًا. حيث ان تشكيل مستقبل مستدام سيعتمد على فهم تنوع وتعقيد أنظمة الأغذية الزراعية الحيوانية والدوافع والتحديات الخاصة التي يواجهها أصحاب المصلحة في فترات التغيير التحويلي. إن ما يصلح للمنتج في نظام كثيف رأس المال يمكن أن يكون مختلفًا تمامًا عما يصلح للرعاة أو أصحاب الحيازات الصغيرة المختلطة بين المحاصيل والماشية. ويعني العمل المستدام الأخذ في الاعتبار هذه الاختلافات، والعمل بشكل وثيق مع مجموعات أصحاب المصلحة المتنوعة لتطوير إجراءات عملية وذات صلة للجميع.
الرسائل الرئيسية لتفعيل دور الثروة الحيوانية منخفضة الكربون
-على الرغم من المكاسب التي تحققت في كفاءة الإنتاج، لا تزال الانبعاثات الناتجة عن الثروة الحيوانية في ارتفاع، لذا يتعين على الالتزامات الوطنية أن تدرج أنظمة الأغذية الزراعية للثروة الحيوانية في خطط التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.-يعتبر العمل الناجح بشأن تغير المناخ في نظم الأغذية الزراعية للثروة الحيوانية أولوية ملحة، ولكن يجب أن لا يأتي على حساب القضاء على الفقر وتحقيق القضاء على الجوع.
-يمكن للثروة الحيوانية منخفضة الكربون أن تساعد البلدان على تحقيق التوازن الذي من خلاله تغذي الأغذية ذات المصدر الحيواني الذين يعانون من سوء التغذية، مع إنتاجها بطريقة تقلل إلى أدنى حد من الناتج الإجمالي لغازات للاحتباس الحراري.
-تشكيل مستقبل مستدام يعتمد على فهم تنوع وتعقيد أنظمة الأغذية الزراعية للثروة الحيوانية والتحديات التي يواجهها أصحاب المصلحة أثناء التغيير التحويلي. في الحقية ان تحقيق نتائج أفضل، وبسرعة أكبر، يعني دعم أصحاب المصلحة في جميع أنحاء نظام الأغذية الزراعية لتصميم حلول متكاملة للحد من انبعاثات الماشية، و مساعدتهم على تحديد أهدافهم وتحقيقها.
لقد بات من المؤكد انه في السباق لإدارة ظاهرة الاحتباس الحراري، يمكن أن يؤدي الحد من انبعاثات غاز الميثان إلى تحقيق عوائد سريعة.
الدكتور/ فوزى أبو دنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني الثروة الحيوانية منخفضة الكربون
تابع موقع اجرى نيوز عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
اجرى نيوز ، موقع إخباري يقدم أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية وخدمات صحفية محترفة فى الأخبار والاقتصاد والزراعة والعلوم والفنون والرياضة والمنوعات ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية.
لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، اخبار مصر ، اخبار الزراعة ، صناعة الدواجن ،الثروة الحيوانية، بنوك واقتصاد ،اجرى لايف ،مقالات ،منوعات ، وخدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.