الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446 ، 25 نوفمبر 2024

المحررين

من نحن

اتصل بنا

الدكتور عبدالسلام المنشاوي يكتب .. الصدأ فى الذهب الأصفر وجرثومة القمح

الدكتور عبد السلام منشاوى
الدكتور عبدالسلام المنشاوي
أ أ
techno seeds
techno seeds

التعريف بمرض الصدأ الأصفر في القمح الذهب الأصفر والحد من خطورته.


نظرا لخطورة مرض الصدأ الأصفر في القمح، فوجب علينا التوضيح قبل وقت ظهوره بمدة كافية لكي يتسنى لنا أخذ الحيطة والتعامل مع المرض بشكل صحيح. 

الصدأ الأصفر من أخطر الإمراض التي تصيب القمح في العالم ومصر ويسببه فطر Puccinia striiformis f. sp. tritici  وينتقل هذا الفطر عن طريق الرياح لمسافات بعيده قد تصل إلى ألاف الأميال. ومن فضل الله علينا أنه لا يظهر في مصر كل عام ولكن يظهر في مواسم متفرقة. ويسبب  هذا المرض خسائر كبيرة جدا في المحصول خصوصا عند حالة الوبائية. 

وتختلف نسبه النقص في المحصول تبعا لوقت حدوث الإصابة بالنسبة لمراحل النمو، فكلما ظهرت الإصابة مبكرة كلما زادت شدة الضرر والفقد في المحصول. 

والتحكم في أمراض الأصداء بصفة عامة معقد جدا، بسبب انتشارها السريع وتكرار تطور السلالات الفسيولوجية الجديدة، وتغير الظروف المناخية غير المتحكم فيها. لذلك، يجب استخدام إدارة المرض المتكاملة، باستخدام مجموعة من الاستراتيجيات المختلفة للحد من خطورته. 

ويصيب الفطر كل الأجزاء الخضرية من النبات عدا الساق ( مرفق صورة). ولم يتم تسجيل أي إصابات للصدأ الأصفر في أي موسم  بمصر قبل منتصف يناير ويحدد ظهور المرض حالة الظروف البيئية. 

ويتوقف ظهور المرض على توفر العوامل التي تساعد على حدوثه أو ما يعرف بمثلث المرض (صنف قابل للإصابة – مسبب مرضي قادر على إحداث الإصابة – وظروف بيئية مناسبة). 

وأهم ثلاث عوامل مناخية مؤثرة على الإصابة بالصدأ الأصفر هي الرطوبة ودرجة الحرارة والرياح، حيث تؤثر الرطوبة على إنبات الجراثيم والعدوى والحيوية. وتبدأ عملية الإصابة بالعدوى عندما تهبط الجرثومة على قمح قابل للإصابة أو أوراق عشبية ذات صلة وثيقة مع توفر رطوبة حرة ودرجة حرارة هواء تتراوح من صفر إلى 25  درجة مئوية لمدة 3 ساعات على الأقل. كما تؤثر درجة الحرارة على إنبات الجراثيم والعدوى، وفترة التحضين للجرثومة، والحيوية ومقاومة العائل. 

 ويناسب ظهور المرض المواسم الباردة وطويلة الأمطار مع رطوبة نسبية عالية و درجات حرارة من 10 إلى 15 درجة مئوية مع فرق واسع بين درجة حرارة الليل والنهار حيث لها دور كبير في حدوث الإصابة بالصدأ الأصفر. كما تساهم الرياح علي زيادة انتشار المرض انتشاراً سريعاً وعبر مساحات واسعة. 

 تصل جراثيم  العدوى الأولية بالصدأ  الأصفر سنويا إلى مصر من خارج القطر المصري محمولة بواسطة الرياح من الدول المجاورة – سواء من الشمال دول البحر المتوسط أو جنوب غرب آسيا أو بعض الدول الأفريقية التي يتواجد القمح فيها طوال العام أو تتواجد بها العوائل المتبادلة أو العوائل الثانوية. 

 تظهر أعراض الإصابة على شكل بثرات (بقع) من الجراثيم، مسحوقيه صفراء اللون صغيرة الحجم ومنفصلة عن بعضها ومرتبة في صفوف متوازية ومتجاورة، وتترك آثار في اليد عند ملامستها على هيئة مسحوق أصفر. وتظهر الأعراض على كل الأجزاء الخضرية من النبات عدا الساق، فهي تظهر على أنصال وأغماد الأوراق بين العروق وعلى السنابل حيث تتكون البثرات بكثرة على عصافات وقنابع الأزهار. تظهر الأعراض بعد حوالي 12 - 15 يوم من الإصابة ، وبعدها يبدأ تكوين الجراثيم والتكشف. 

كيفية مواجهة مرض الصدأ الأصفر للحد من خطورته


نظرا لخطورة المرض، فيجب تتضافر جهود الجهات المعنية لأخذ الحيطة للفحص والاستعداد لأي ظهور لمرض الصدأ الأصفر علي القمح في مناطق الدلتا، وخاصة في الزراعات المبكرة وعلى الأصناف القابلة للإصابة مثل سدس 12 وجميزة 11 ومصر ١ ومصر ٢ وشندويل 1 وهذه الأصناف بالتحديد خارج السياسة الصنفية المعتمدة للوجه البحري. 

 ويجب الاستمرار في الفحص والتوعية والتنبيه والتحذير من خطورة المرض،  والتعريف بمظهر الإصابة والمتابعة بصفه مستمرة حتى نجنب المزارعين المخاطر بما ينعكس بالخير على المزارعين وعلى أمن وطننا الحبيب واستقراره واقتصاده. 

 والحل الأمثل في مواجهة هذا المرض هو إدخال جينات المقاومة للأصناف وزراعة أصناف مقاومة، (مرفق صورة توضح الأصناف الحساسة والمقاومة في نفس المكان). كما يجب  التقيد بالمعاملات الزراعية الوارد الإشارة إليها في حزمة التوصيات. واستخدام تقاوي من مصادر موثوق بها والالتزام بالسياسة الصنفية التي يضعها قسم بحوث القمح وعدم زراعة أصناف غير مسجلة. 

المكافحة الكيماوية: نظرا لخطورة المرض فيجب الحرص على أن يتم اكتشاف المرض مبكرا، حيث يشبه هذا المرض بالحريق، فالنار بدايتها شرارة صغيرة من السهل إطفائها أما إذا اشتدت واستفحلت صارت حريق ضخم صعب جدا جدا إخمادها. لذلك عند ظهور أي بؤرة إصابة بالمرض يجب التعامل الفوري بالمبيدات الموصي بها ويتم إبلاغ الجهات المعنية. 

وتعد المكافحة الكيماوية مهمة جدا، ويتوقف نجاح المكافحة الكيماوية على عوامل في غاية الأهمية وأهمها وقت اكتشاف الإصابة وتكرار عملية الرش  وتطبيقات الرش. لذلك فهناك حاجة ملحة للاكتشاف المبكر للمرض والتحرك الفوري للحد من حدوث ضرر كبير في إنتاج القمح. 

ومن المعلوم عدم كفاءة استخدام المبيدات الفطرية بشكل جيد إذا انتشرت الإصابة بشكل وبائي، لأنها لا يمكنها القضاء على الفطر بشكل كاملة مهما كانت الظروف، فكلما تم اكتشاف الإصابة في بدايتها كلما كانت المكافحة أكثر فاعلية. 

ومن المهم تكرار عملية الرش حيث تحتاج إلى تطبيقها من  3-5  مرات خلال الموسم حسب وقت ظهور المرض. 

فلابد من المراقبة المتواصلة والفحص من منتصف شهر يناير والتوعية والتحذير من خطورة المرض من أجل حماية المزارعين وللحد من تطور الإصابة وتقليل مستوى الفاقد إلى أقل مستوى ممكن. 

وفي حالة ظهور المرض والرش فيجب استخدام المبيدات الموصي بها من قبل الوزارة وإتباع تعليمات عملية الرش مع إضافة مادة ناشرة لاصقة لثبات المبيد على الأوراق ولزيادة كفاءة عملية الرش. 

ومن المهم جدا الحرص وعدم إضافة أي مغذيات أو مخصبات أو منشطات نمو أو أحماض امينية أو وهيومك أو كبريتات ............الخ مع عملية الرش. حيث أن بعضها قد يؤدي إلى تنشيط المسبب المرضي ويزيد خطورة المرض ويؤدي إلى نتيجة عكسية. وكل ذلك خصوصاً مع  ما نلاحظه على مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات من توصيات باستخدام المواد السابق ذكرها  والذي أصبح شيء مخيف وينذر بعواقب وخيمة على مستقبل الزراعة بمصر. 

 وليس هناك أي ضرر صحي بسبب استخدام حبوب ناتجة من حقول ظهرت بها الإصابة أو حدوث أمراض معينة سواء للإنسان أو الحيوان من التغذية على تلك الحبوب. 

 ومن الأمور التي تجعل التعامل مع مرض الصدأ الأصفر أكثر تعقيدا هي أن مقاومة أي صنف ليس لها صفة الثبات المطلق ومن المعلوم مسبقا لدى المربى ومسئول الأمراض أن هذه المقاومة سيتم كسرها ولو بعد حين. 

 وسيظل الصراع قائم بين الباحث والنبات العائل من جهة والمسبب المرضى من جهة أخرى إلى قيام الساعة وهذه إرادة الخالق سبحانه وتعالى، حيث يقوم المربي باستنباط أصناف مقاومة ويقوم المسبب المرضي بتطوير نفسه وإنتاج سلالات مرضية أكثر عدوانية وأشد ضراوة. 

 ومن فضل الله، أنه لا يمكن للمسبب المرضي أن يكسر مقاومة جميع الأصناف في موسم واحد ومن هنا تتضح أهمية السياسة الصنفية لإحداث التوازن وتجنب حدوث وبائية للمرض. 

 يجب إن يكون دور قسم بحوث القمح وقسم بحوث أمرض القمح  والإرشاد الزراعي في المرحلة المقبلة متمثلا في التوعية والتنبيه والتحذير من خطورة المرض والتعريف به وكيفية تميزه والحرص على اكتشافه مبكرا حالة ظهور الإصابة وتوعية المزارعين بكل السبل المتاحة. ويجب التنبيه على استخدام المبيدات الفطرية الموصي بها من قبل وزارة الزراعة. 

 كما يجب التنبيه بعدم استخدام المكافحة الكيماوية إلا في حالة ظهور المرض لا قدر الله، وعدم تطبيق المكافحة الكيماوية قبل ظهور الإصابة بهدف الوقاية، وهذه النقطة دائما محل جدال. وسبب عدم التوصية بالرش الوقائي هو أن المرض لا يظهر كل عام. كما أنه لا يوجد مبيدات فطرية مسجلة من قبل وزارة الزراعة للرش الوقائي ولكنها كلها مبيدات علاجية. والنقطة الأهم، أن التوصية بالرش الوقائي قد يعم جميع الأصناف بما فيها الأصناف المقاومة، مما يفقد الأصناف المقاومة ميزاتها النسبية ويترتب عليه إهدار كبير للمال والوقت. 

إن النهج التقليدي لاستنباط ونشر أصناف مقاومة للصدأ وحده لن يعالج الخطر المهدد لإنتاج القمح في الدولة. فمن المهم اتخاذ التدابير وتطوير استراتيجية متكاملة لمنع مخاطر الصدأ. 

وتعتمد  الاستراتيجيات على تطوير برامج التربية للمقاومة، بالإضافة إلى المكافحة الكيميائية، وضبط الممارسات الزراعية التي يمكن أن تقلل من أوبئة الصدأ الأصفر؛ مثل الزراعة في الميعاد المناسب والاعتدال في التسميد وعدم الافراط في استخدام الأسمدة النيتروجينية وتجنب الإفراط في الري خاصة عندما تكون الظروف مواتية للعدوى. 

 كما يجب تطوير القدرة على مراقبة الصدأ والمتابعة حتى يمكن اكتشاف الإصابة في الوقت المناسب والتي تكون المكافحة الكيميائية فعالة وناجحة، مع مراعاة الالتزام بكل التطبيقات الصحيحة لعملية المكافحة الكيميائية. 

الدكتور عبدالسلام المنشاوي استاذ بحوث القمح مركز البحوث الزراعية
icon

الأكثر قراءة