الحلول القائمة على الطبيعة تُعَّرف المفوضية الأوروبية الحلول القائمة على الطبيعة بأنها حلول
للتحديات المجتمعية مستوحاة من الطبيعة وتدعمها، وهي حلول فعالة من حيث التكلفة
بالتزامن مع ما تحققه من فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية تساعد على بناء المرونة
ضد تغير المناخ.
وقد ظهر مفهوم الحلول القائمة على الطبيعة في بدايات العِقد الأول
من القرن الحادي والعشرين طريقة لتعزيز الطبيعة للمساعدة في مواجهة التحديات
المرتبطة بتغير المناخ.
وتشمل الحلول القائمة على الطبيعة مجموعة واسعة من
الإجراءات مثل حماية وإدارة النظم البيئية الطبيعية وشبه الطبيعية، ودمج نظم
البنية التحتية الخضراء والبنية التحتية الخضراء- الزرقاء في المناطق الحضرية،
وتطبيق المبادئ القائمة على النظام الإيكولوجي على النظم الزراعية الحالية. كذلك يرتكز
مفهوم الحلول القائمة على الطبيعة على منهج النظام الإيكولوجي، فمن المعلوم أن
النظم البيئية الصحية والطبيعية تُنتج مجموعة متنوعة من الخدمات التي يعتمد عليها
الإنسان في رفاهيته، وتتراوح من تخزين الكربون والسيطرة على الفيضانات، وتثبيت
الشواطئ والمنحدرات إلى توفير الهواء والمياه النقية والغذاء والوقود والأدوية
والأصول الوراثية. وللتعرف
أكثر على المفهوم الشامل للحلول القائمة على الطبيعة، لابد من التطرق إلى مناهج
عديدة أخرى، منها على سبيلِ المثال: منهج النظام الإيكولوجي، والإدارة المُستدامة،
والإدارة القَائمة على النظام الإيكولوجي، والإدارة المُستدامة للغابات، والبنية
التحتية الخضراء، والبنية التحتية الخضراء- الزرقاء، والتكيف القائم على النظام
الإيكولوجي، والتدابير الخاصة للحفاظ على موارد المياه الطبيعية، والتصدي للتحديات
المرتبطة بها، والحد من مخاطر الكوارث القائمة على النظام الإيكولوجي.
منهج النظام
البيئي (الإيكولوجي) والمنهج القائم على النظام الإيكولوجي
منهج النظام الإيكولوجي هو استراتيجية للإدارة المتكاملة للأراضي والمياه والموارد الحية التي تعزز الحفظ والاستخدام المستدام بطريقة منصفة. ويستخدم منهج النظام الإيكولوجي الأساليب العلمية المناسبة التي تركز على التسلسل الهرمي للتراكيب والأنظمة البيولوجية، وتشمل البنية الأساسية والعمليات والوظائف والتفاعلات بين الكائنات الحية وبيئتها.
وقد اُعتمد منهج النظام الإيكولوجي في مؤتمر الأطراف الخامس لاتفاقية التنوع البيولوجي والذي استَضافته مدينة نيروبي في عام 2000. ويتضمن منهج النظام الإيكولوجي أيضاً مُصطلح المنهج القائم عليه، وقُدّم مفهومه من قبل اتفاقية التنوع البيولوجي تحسينًا في سياق التنوع البيولوجي وتغير المناخ. ومن الملاحظ أن منهج النظام الإيكولوجي أو المنهج القائم على النظام الإيكولوجي بدأ من وجهة نظر بيئية بحتة، ثم انتقل من التركيز على قضايا الحفظ إلى منهاج أكثر شمولية يشمل تعزيز المشاركة العامة وتكامل الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية.
تعريف الحلول القائمة على الطبيعة وهي إجراءات لحماية وإدارة واستعادة النظم البيئية الطبيعية والمعدلة التي تتصدى للتحديات المجتمعية بشكل فعّال وقابل للتكيف، وتفيد الناس والطبيعة في نفس الوقت. وتعالج الحلول القائمة على الطبيعة التحديات المجتمعية من خلال الحماية والإدارة المستدامة واستعادة كل من النظم البيئية الطبيعية والمعدلة، مما يعود بالنفع على كل من التنوع البيولوجي ورفاهية الإنسان.
تعتمد الحلول المستندة إلى الطبيعة على الفوائد التي تأتي من النظم البيئية الصحية. وهي تستهدف تحديات رئيسية مثل تغير المناخ، والحد من مخاطر الكوارث، والأمن الغذائي والمائي، وفقدان التنوع البيولوجي وصحة الإنسان، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية المستدامة. كذلك تعتبر الحلول القائمة على الطبيعة هي حلول للتحديات المجتمعية المستوحاة والمدعومة من الطبيعة.
تشمل هذه الحلول "إجراءات لحماية وإدارة وإعادة ترميم النظم البيئية الطبيعية المتدهورة أو تلك المعدلة منها، التي تتصدى للتحديات المجتمعية بشكل فعال وقابل للتكيف ، وتوفر في نفس الوقت رفاهية الإنسان ومنافع التنوع البيولوجي" IUCN)). ونهج الحلول القائمة على الطبيعة معروف جيدًا ويتم تطبيقه في منطقة الدول العربية ، التي تتعرض لمجموعة من المخاطر الطبيعية الناتجة عن الظواهر الجوية – المطرية على سبيل المثال التصحر والعواصف الرملية والحرارة الشديدة والفيضانات الوميضية.
والحلول المستمدة من الطبيعة هي إجراءات تحمي النظام البيئي أو تديره بشكل مستدام أو تستعيده من أجل مواجهة التحديات المجتمعية - مثل مخاطر الكوارث، أو تغيّر المناخ، أو الأمن الغذائي، أو الأمن المائي، أو صحة الإنسان. وتشمل هذه الحلول حماية الغابات واستعادتها، وحماية أشجار المانغروف والشعاب المرجانية، والحفاظ على الأراضي الرطبة واستعادتها، وإنشاء مساحات خضراء حضرية.
يتزايد الاعتراف بالحلول القائمة على الطبيعة كطريقة فعّالة ولا سيما من حيث التكلفة للحدّ من مخاطر الكوارث، ومساعدة الناس على التكيّف مع تغيّر المناخ، وبناء قدرة المجتمع على الصمود. يمكن معالجة الأجزاء الثلاثة لمعادلة المخاطر من خلال: -منع أو تخفيف المخاطر نفسها -الحد من تعرّض الناس للمخاطر والحد من ضعف الناس.
وكما نرى إن الحلول كامنة في الطبيعة ومع ازدياد درجة حرارة العالم وإطلاق المزيد من غازات الدفيئة، تتعرض قدرة الطبيعة على أداء وظائف النظام البيئي المهمة -مثل عزل الكربون وتنظيم درجة حرارة الأرض وتوفير الهواء النظيف والماء- للخطر هذه الوظائف جزء لا يتجزأ من الحد من تغير المناخ وبناء القدرة على الصمود أمام آثاره، وهذا أمر أساسي بشكل خاص على سبيل المثال بالنسبة لجزر آسيا والمحيط الهادئ، حيث تكون آثار تغير المناخ أكثر بروزا وحيث تظل الطبيعة مكونا أساسيا في الحياة اليومية أكثر من البيئات الحضرية.
ويعترف الفريق الدولي المعني بتغير المناخ بالطبيعة كحل مناخي ومفتاح لتحقيق هدف 1.5 درجة في اتفاقية باريس للمناخ والذي، إذا تم تجاوزه، يشكل مخاطر متزايدة بشكل كبير على صحة الإنسان وسبل عيشه ورفاهه. ويقدر بعض الخبراء أن 37% من تخفيضات غازات الدفيئة المطلوبة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2030 يمكن تحقيقها من خلال الحلول القائمة على الطبيعة. ولذلك تعد الحلول القائمة على الطبيعة مهمة وتبرز تلك الأهمية في نقاط عديدة أبرزها:
- قدرتها على توفير بالوعات الكربون ضمن جهود التخفيف من حدة المناخ.
- المساعدة في التكيف والقدرة على الصمود، خاصة في المناطق الساحلية.
- تقليل الحلول القائمة على الطبيعة لعواقب تغير المناخ.
- تقليل الانبعاثات عن طريق وقف - أو على الأقل تقليل - تدهور النظم الإيكولوجية وتدميرها.
وبشكل عام تساعد هذه البرامج القائمة على الطبيعة على تحديد وتوسيع مجالات جديدة ذات قيمة عالية لتخزين الكربون والتكيف معه من أجل الحماية وإعادة التحريج والتجديد.
كما تعمل الحلول القائمة على الطبيعة أيضا على بناء القدرة على التكيف مع الأحداث المناخية وتقليل مخاطر الكوارث. وفي أفضل حالاتها، تجمع الحلول القائمة على الطبيعة بين تدخلات التكيف والتخفيف، وتحقيق التوازن بين الحاجة إلى التنمية المستدامة واستراتيجيات الحد من الانبعاثات. وفي حين أن تغير المناخ يسبب تدهور النظم الإيكولوجية، وفقدان الموائل وتدهور التنوع البيولوجي، فإن الحلول القائمة على الطبيعة ترتبط ارتباطا جوهريا بالنتائج الإيجابية للتنوع البيولوجي.
المعايير العالمية للحلول القائمة على الطبيعة وهي “إجراءات لحماية وإدارة واستعادة النظم البيئية الطبيعية أو المعدلة، والتي تتصدى للتحديات المجتمعية بشكل فعال وقابل للتكيف، وتوفر في نفس الوقت رفاهية الإنسان ومنافع التنوع البيولوجي” تشمل ما يلي:- • الحد من مخاطر الكوارث على أساس النظام الإيكولوجي (Eco-DRR) الإدارة المستدامة والحفظ والاستعادة للنظم البيئية للحد من مخاطر الكوارث بهدف تحقيق الاستدامة وتنمية مرنة والمساهمة للتكيف مع تغير المناخ • إطار إدارة الموارد الطبيعية (NRGF) هي القواعد والمؤسسات والعمليات التي تحدد كيفية ممارسة السلطة والمسؤوليات على الموارد الطبيعية ، وكيفية اتخاذ القرارات، وكيفية أصحاب الحقوق وأصحاب المصلحة – بما في ذلك النساء والرجال والشباب والشعوب الأصلية والمحلية. المجتمعات – الوصول الآمن والمشاركة والتأثر باستخدام وإدارة الموارد الطبيعية.
- التكيف القائم على النظام الإيكولوجي (EbA) استخدام التنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي كجزء من استراتيجية تكيف شاملة لمساعدة الناس على التكيف مع الآثار الضارة لتغير المناخ و حل قائم على الطبيعة يكتسب أهمية كبيرة في سياق تغير المناخ (مثل اتفاقية باريس UNFCCC ، NDC ، NAP) ) وسياسات حفظ التنوع البيولوجي (على سبيل المثال ، الخطة الاستراتيجية لاتفاقية التنوع البيولوجي 2011-2020 ، أهداف أيشي) و يربط EbA بين التنوع البيولوجي ونهج الحفاظ على النظام البيئي بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة كجزء من استراتيجية شاملة.
- النظم البيئية التي تحمي البنية التحتية والمجتمعات (EPIC) وتشمل تعزيز استخدام النظام الإيكولوجي وحماية المجتمعات من الكوارث والآثار السلبية لتغير المناخ و الحد من مخاطر الكوارث القائم على النظام الإيكولوجي المعترف بها في الأطر العالمية الرئيسية مثل اتفاقية التنوع البيولوجي و اتفاقية تغير المناخ للاستثمار في الكوارث القائمة على النظام الإيكولوجي والحد من المخاطر ، ليكون أكثر فعالية للتكيف مع تغير المناخ • الاستعادة البيئية للمناطق المحمية الاستعادة البيئية: “وهى عملية المساعدة في استعادة النظام البيئي الذي تعرض للتدهور أو التلف أو التدمير ومنطقة محمية تعنى : “مساحة جغرافية محددة بوضوح ، معترف بها و مدارة، من خلال الوسائل القانونية أو غيرها من الوسائل الفعالة ، لتحقيق الحفاظ على الطبيعة على المدى الطويل مع خدمات النظام البيئي المرتبطة بها والقيم الثقافية .أما المعيار العالمي للحلول المعتمدة علي الطبيعة يتألف من 8 معايير و 28 مؤشرًا تعمل بشكل فعال على تطبيق أفضل ممارسات NbS التي تم تحديدها في عام 2016من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أول تعريف عالمي لـ NbS و هو “إجراءات لحماية وإدارة واستعادة النظم البيئية الطبيعية أو المعدلة ، والتي تتصدى للتحديات المجتمعية بشكل فعال وقابل للتكيف ، وتوفر في نفس الوقت رفاهية الإنسان ومنافع التنوع البيولوجي.” وتم تطويرها وترويجها لأول مرة من قبل IUCN في أواخر التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ثم واصلت الحكومات وقطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية والجهات غير الحكومية إثبات قيمتها من خلال الدقة العلمية والبحث الأكاديمي والحكم الرشيد. ويوفر المعيار أيضا فرصة لإنشاء مجتمع مستخدم يساعد في التوجيه للتنفيذ على أرض الواقع وتسريع تطوير السياسات وخلق علوم الحفظ و يستند على فهم مشترك و ورؤية مشتركة لعالم عادل ومستدام. فالهدف الشامل للحلول المستندة إلى الطبيعة دعم تحقيق أهداف التنمية للمجتمع وحماية رفاهية الإنسان بطرق تعكس القيم الثقافية والمجتمعية و تعزيز قدرة النظم البيئية على الصمود وقدرتها على التجديد وتوفير الخدمات لمواجهة التحديات المجتمعية الرئيسية، مثل الأمن الغذائي وتغير المناخ والأمن المائي وصحة الإنسان ومخاطر الكوارث والتنمية الاجتماعية والاقتصادية .
بقلم: الأستاذ الدكتور/ عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطري جامعة عين شمس أستاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان - عضو اللجنة العلمية والإدارية لاتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- المستشار العلمي لحديقة الحيوان بالجيزة-الأمين العام المساعد للحياة البرية بالاتحاد العربي لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم