كيف يمكن تنمية مسطحاتنا المائية الداخلية “بحيرات شمالية وبحيرة السد ونهر النيل” من أسماك البلطي، وهل يتم ذلك عن طريق رمي زريعة بلطي كما يرى كثير من المسؤولين والمواطنين وقليل من المختصين؟ وللإجابة على هذا السؤال واجب علينا معرفة ولو قليل عن سمكة البلطي.
تشير أغلب الدراسات إلى أن سمكة البلطي هي أقدم سمكة مستزرعة في العالم .. فقد وجدت مرسومة على جدر المعابد الفرعونية من آلاف السنين وهي سمكة قدسها المصريين القدماء ومقدسه أيضا في الإرث المسيحي وتسمى سمكة القديس بطرس وهى سمكة مياه دافئة نشأت في أنهار إفريقيا ومنها انتشرت في باقي بلدان العالم.
والآن أكثر من 80 دولة في عالمنا المعاصر تزرع البلطي ، أهمهم على الإطلاق: الصين التي تنتج وحدها أكثر من نصف إنتاج العالم تليها إندونيسيا التي أزاحت مصر إلى المركز الثالث واحتلت مكاننا المركز الثاني وينسب إلى نيلنا العظيم أهم نوع من أنواع البلطي وهو البلطي النيلي وهو الأكثر انتشارا والأسرع نموا بين كل الأصناف.
وسمكة البلطي لها ميزة عظيمة في البيئة الطبيعية وهي نفسها مشكلتها الكبيرة في الاستزراع وهذه الميزة العجيبة والتي هي المشكلة في نفس الوقت خصوبتها الشديدة ، فهي تنضج جنسيا بعمر صغير "6 شهور" بغض النظر عن الحجم، حيث تجد سمكة صغيرة لا تتحاوز ال 20 جرام وتتزاوج وتنتج زريعه وقد تجد في نفس الوقت سمكة 300 جرام لكن عمرها لم يصل الى 6 شهور ولم تنضج جنسيا بعد، وهي تقوم بالتزاوج والتفريخ كل شهر تقريبا طالما درجة الحرارة فوق ال ٢٣ درجة مئوية، وتنتج الانثى الواحدة من ١٠٠ إلى ١٠٠٠٠ زريعه في المرة الواحدة حسب العمر والحجم لذلك في الاستزراع لو بدأنا ب ١٠٠٠٠ سمكه مثلا في بداية الدورة نجد في نهاية الدورة مئات الألوف من الأسماك الصغيرة عديمة القيمة الاقتصادية والتي زاحمت العدد الأصلي في الغذاء والتنفس ونواتج التغذية.
وعليه بدأ الخبراء في الانشغال بحل هذه المشكلة وتوصلوا للحل في استزراع ذكور فقط وفي الطبيعة هذه المشكلة تعتبر ميزة عظيمه جعلت احد الخبراء يسميها سمكة ضد الفناء ولذلك فاسماك البلطي الموجودة في بحيرة السد مرورا بالنهر ووصولا إلى البحيرات الشمالية ( المنزلة والبرلس وادكو ومريوط ) تقوم بإنتاج تريليونات من الزريعة سنويا تحتاج فقط للمحافظة على نسبة قليلة منها للوصول إلى حجم التسويق ، حتى أنها لا تحتاج إلى وقف صيد في شهور معينه كباقي الأصناف السمكية التي لا تستطيع التزاوج الا في عمر ووزن معين ومرة واحده او مرتين فقط في السنة ولا حتى تحتاج الى حمايتها من الأعداء الطبيعية.
لذلك فان رمي زريعة أو اصبعيات بلطي في النيل او ايا من مسطحاتنا المائية إهدار للمال والوقت والجهد ، وادعاء غير حقيقي لتنمية وهمية وتنميتها تحتاج فقط الى قيام أجهزة الدولة بواجبها في منع الصيد الجائر والغزل المخالف حتى نعطي الفرصة للأسماك الصغيرة للوصول إلى حجم التسويق.
المهندس/ أحمد الشراكي