أكد الدكتور محمد حسن، أستاذ أمراض النباتات بكلية الزراعة جامعة الفيوم، أن التهوية الجيدة بين النباتات تُعد من العوامل الأساسية التي تقلل من فرص الإصابة المرضية.

 وأوضح أن الزراعة على مسافات متقاربة تُقلل من التهوية وتُضعف الإضاءة، مما يُجبر النبات على الاستطالة للحصول على الضوء، وهو ما يؤدي في النهاية إلى ضعف عام بالنبات يجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، مشيرًا إلى أن هذه العوامل ترفع من كلفة المقاومة لاحقًا، سواء بالوسائل الوقائية أو الكيميائية.

 وشدد على ضرورة إدراك مزارع محصول البصل أن مكافحة المرض لا تبدأ بالمبيد الكيميائي، مفسرًا ذلك بوجود عدة خطوات تسبق اللجوء للمبيدات، تبدأ بمعرفة المسببات وتحسين المعاملات الزراعية، مؤكدًا أن استخدام المبيد يجب أن يكون هو الحل الأخير، عندما يفقد النبات قدرته على المقاومة وتُصبح الخسارة مؤكدة.

 الاعتبارات الواجب مراعاتها قبل ظهور الإصابة على محصول البصل 

لفت الدكتور حسن إلى أهمية مراعاة معاملات التربة، وطرق الزراعة، وتوقيت الزراعة، واختيار الصنف المناسب، موضحًا أن هذه العوامل تُسهم في تحسين الإنتاجية، وتُقلل من أثر الآفات، متابعًا أن النبات القوي قادر على تحمل الإصابة وتخفيف أثرها، بخلاف النبات الضعيف الذي لا يملك مقاومة طبيعية كافية.

 وسلط الضوء على أن بعض الآفات تنتقل من حقل إلى آخر، فإذا كان الجار مُهملًا في إدارة حقله، فإن المسببات المرضية قد تصل إلى الحقل المجاور، مؤكدًا أن الفرق يكمن في حالة النبات المُستقبل، فإذا كان قويًا فإن الإصابة تكون محدودة، أما إذا كان ضعيفًا فستكون الإصابة كارثية، مدللًا بذلك على أهمية الوقاية والتجهيز المسبق بدلًا من الاكتفاء برد الفعل بالمبيدات.

تأثير المناخ على الأمراض وصعوبة التنبؤ بها

أشار الدكتور حسن إلى أن مناخ مصر لم يعد نمطيًا، وأن التغيرات المناخية باتت واقعًا يجب التعامل معه، موضحًا أن المشكلة لا تكمن فقط في ارتفاع الحرارة أو انخفاضها، بل في عدم استقرار النمط المناخي ذاته.

 وشدد على أن هذا التقلب يُربك الترتيبات الزراعية، ويُصعّب على الباحثين وضع برامج ثابتة للزراعة أو المقاومة، مؤكدًا أن ذلك يُعد من أبرز التحديات التي تواجه الزراعة المصرية حاليًا.

وأوضح أن هذه التغيرات تجعل توقيتات الإصابة بالأمراض غير متوقعة، مشيرًا إلى أننا قد نرى موجات صقيع شديدة في فبراير، يليها ارتفاع حاد في درجات الحرارة في مارس، مؤكدًا أن هذه الاضطرابات تفتح المجال لظهور أمراض لم تكن شائعة في محصول البصل أو كانت تظهر في توقيتات مختلفة، داعيًا المزارعين والباحثين إلى التأهب المستمر.

تصنيف أمراض محصول البصل حسب مراحل النمو

عدد الدكتور حسن المجموعات المرضية التي تُصيب محصول البصل حسب مراحل نموه، موضحًا أن هناك ثلاث مجموعات رئيسية: أمراض المشتل، وأمراض المجموع الخضري، وأمراض الأبصال، مؤكدًا أن كل مجموعة تتطلب برنامجًا خاصًا للمراقبة والمكافحة.

وأوضح أن أمراض المشتل، التي تظهر عند زراعة الشتلات في شهري سبتمبر وأكتوبر، تتمثل في البياض الزغبي، خصوصًا عند ارتفاع الرطوبة، مشيرًا إلى أن هذه المرحلة رغم بساطتها، إلا أنها تُمهد لبناء محصول سليم إذا أُديرت بشكل صحيح.

البياض الزغبي.. أخطر أمراض المجموع الخضري

كشف الدكتور حسن أن البياض الزغبي يُعد من أخطر الأمراض التي تُصيب المجموع الخضري لـ«محصول البصل»، موضحًا أنه مرض وبائي يتطور سريعًا، وتظهر أعراضه في شكل اصفرار وبُهتان على قمة الورقة ثم تنتشر نحو القاعدة، مؤكدًا أن هذا المرض يؤدي إلى احتراق الأوراق، وهي المسؤولة عن تغذية الأبصال.

 وشدد على أن الإصابة الشديدة تؤدي إلى ضعف تكوين الأبصال، أو عدم تكوينها من الأساس، مؤكدًا أن الورقة تمثل المخزن الأساسي للغذاء الذي يُنقل تدريجيًا إلى البصلة، موضحًا أن تلف الورقة يعني بالضرورة ضعفًا في الإنتاج والجودة، وربما خسارة المحصول كاملًا في الحالات المتقدمة.

استراتيجية مكافحة البياض الزغبي في محصول البصل 

أوصى الدكتور حسن بسرعة التدخل عند ظهور أول أعراض البياض الزغبي، مشيرًا إلى أن تأخير المكافحة يُعطي فرصة للفطر للانتشار بسرعة والسيطرة على الحقل، مؤكدًا أن هذا المرض لا يُمكن مكافحته بالطرق التقليدية فقط، بل يتطلب استخدام المبيدات الفطرية.

وأضاف أن المركبات النحاسية تُعد من الخيارات الفعالة في هذه الحالة، نظرًا لقدرتها على وقف تقدم المرض وسرعة مفعولها.

 ولفت إلى ضرورة اختيار المبيد المناسب ذي فترة ما قبل الحصاد القصيرة، حتى لا يُؤثر على سلامة المحصول المُعد للتصدير، مشددًا على أهمية اتباع تعليمات الاستخدام بدقة لتحقيق أقصى فاعلية دون الإضرار بالنبات أو المستهلك.