أكد ممدوح حنا، عضو بارز في قطاعي القطن والنسيج، أن إعلان الدولة عن إنشاء مدينتين صناعيتين متكاملتين للنسيج في محافظتي المنيا والفيوم يمثل نقطة تحول استراتيجية لإعادة مكانة صناعة الغزل والنسيج المصرية، خاصة بالاعتماد على القطن المصري طويل التيلة ذي الجودة العالمية.
وفي تصريحات صحفية، أوضح حنا أن هاتين المدينتين لا تقتصران على كونهما مناطق صناعية، بل تمثلان رؤية شاملة لتطوير منظومة نسيجية حديثة ومتكاملة، تشمل مراحل الإنتاج المختلفة بدءًا من الغزل والنسيج، مرورًا بالصباغة، وصولًا إلى صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات والصناعات التكميلية. وأشار إلى أن هذا التوجه نحو إنشاء مدن متخصصة سيعمل على تعزيز التصنيع المحلي، خفض التكاليف، تحقيق الاستدامة في الموارد، ورفع جودة المنتجات لتعزيز تنافسيتها إقليميًا وعالميًا.
وأشار حنا إلى أن اختيار محافظتي المنيا والفيوم لإقامة هاتين المدينتين ليس عشوائيًا، بل يعكس استراتيجية الدولة لربط الموارد الأولية بفرص العمل في مناطق الصعيد التي تحتاج إلى دفع جهود التنمية، بالإضافة إلى توفير بيئة صناعية متطورة قادرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ولفت إلى أن المشروع الضخم، الذي يمتد على مساحة 11 مليون متر مربع، يستهدف جذب استثمارات مباشرة تتجاوز 3 مليارات دولار، مؤكدًا أن هذا التوقيت بالغ الأهمية في ظل تزايد الطلب العالمي على الملابس والمنتجات النسيجية عالية الجودة، وسعي مصر لزيادة صادرات القطاع من 2.8 مليار دولار إلى 11.5 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشاد حنا بنظام المطور الصناعي بالشراكة مع القطاع الخاص الذي يتم من خلاله إطلاق المشروع، معتبرًا إياه توجهًا للدولة نحو تمكين المستثمرين الحقيقيين ومنحهم دورًا رئيسيًا في التخطيط والتطوير والإدارة والتسويق، مما يفتح المجال لجيل جديد من المصانع القائمة على الابتكار والتكامل في سلاسل القيمة.
وأوضح أن إنشاء مدارس صناعية متخصصة داخل كل مدينة، بالإضافة إلى المراكز اللوجستية والخدمية والصحية والتسويقية، يعكس رؤية متكاملة لضمان استدامة هذه المدن وخدمتها للصناعة والمجتمع المحلي على حد سواء.
وشدد حنا على ضرورة وضع القطن المصري في صميم هذه المدن كمشروع قومي شامل يبدأ من زراعته وينتهي بالمنتج النهائي، مؤكدًا أن هذه المدن تمثل فرصة استثنائية لزيادة الاعتماد على القطن المصري وتقليل استيراد الأقمشة الأجنبية، وهو ما سيعود بالنفع على المزارعين والمصنعين.
وأكد أن تطوير صناعة الغزل والنسيج يمثل خطوة استراتيجية لعودة القطن المصري إلى مكانته الرائدة عالميًا، مشيرًا إلى أن جهود الدولة في تحديث المحالج وإعادة هيكلة الشركات وإنشاء مصانع جديدة تمثل تحولًا حقيقيًا في هذا القطاع الحيوي.
واعتبر حنا القانون رقم 3 لسنة 2015 نقطة تحول حاسمة، حيث أعاد للدولة سلطة تسويق أقطان الإكثار، مما ساهم في القضاء على خلط الأصناف وتحقيق نقاء وراثي متميز. وأشار إلى أن مصر تتقدم بخطوات واضحة نحو تحقيق مستوى صفر تلوث من خلال تطوير شامل لمنظومة الحليج.
وأشاد بجهود الدولة في إعادة الثقة للمزارعين من خلال تحديد سعر ضمان للأقطان طويلة التيلة، مما شجعهم على التوسع في زراعة القطن خلال الموسم الحالي رغم التحديات العالمية.
وأشار إلى أن هذه الجهود امتدت لتشمل استثمارات ضخمة في مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، بهدف تعزيز القيمة المضافة وتحويل القطن المصري من مادة خام إلى منتج صناعي يتم تصديره.
وفي الختام، أكد ممدوح حنا على أن القطن المصري، رغم أنه لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من الإنتاج العالمي (3%)، إلا أنه يظل "تاج الأقطان" لما يتمتع به من جودة استثنائية وسمعة تاريخية تجعله فخرًا للزراعة والصناعة المصرية.