أ
أ
محصول الكتان واحد من المحاصيل الاستراتيجية التي تسعى الدولة لتعظيم الاستفادة الاقتصادية المرجوة منها، وهي المسألة التي تقتضي، توفير المقومات الأساسية التي تساعد على تحقيق هذا الهدف، مع الارتقاء بخبرات المزارعين، وتقديم الدعم الفني والإرشادي والتوعوي، للوصول لأفضل النتائج المرجوة، وهي الملفات التي تناولها الدكتور عبد الرحيم محمد السمواتي، رئيس بحوث بمعهد بحوث أمراض النبات، ورئيس قسم أمراض القطن ونباتات الألياف السابق، خلال حلوله ضيفًا على الإعلامي طه اليوسفي، مقدم برنامج "المرشد الزراعي"، المذاع عبر قناة مصر الزراعية.
الأمراض الفطرية وتأثيرها على محصول الكتان
في البداية تحدث الدكتور عبدالرحيم محمد السماواتي، رئيس بحوث بمعهد أمراض النباتات، ورئيس قسم أمراض القطن ونباتات الألياف السابق، عن المسببات المرضية الفطرية التي تصيب الكتان، مثل غيره من المحاصيل، تعيش مستوطنة في التربة، موضحًا أنها غير متخصصة في نبات بعينه، بل يمكنها مهاجمة مختلف النباتات التي تُزرع في الأراضي المصرية.
وأشار إلى أن أول أعراض هذه الأمراض تبدأ عند مهاجمة الفطريات للبذور، مما يؤدي إلى تعفنها وتحللها، وبالتالي فشلها في عملية الإنبات، موضحًا أن وقوع الإصابة يعتمد على توافر ثلاثة عوامل رئيسية، تتمثل في "وجود العائل (النبات)، وتوافر المسبب المرضي، ووجود ظروف بيئية مواتية"، لنشاط الفطريات وغير ملائمة لنمو النبات.
هجوم الفطريات على البذور والبذور النابتة
وأوضح رئيس قسم أمراض القطن ونباتات الألياف السابق أن هذه الفطريات تنشط كلما زادت رطوبة التربة، حيث تهاجم بذور الكتان في المراحل الأولى من الزراعة، مفرزة إنزيمات تعمل على تحليل جدر الخلايا النباتية، مما يؤدي إلى تعفن البذرة وتحللها. وإذا تمكنت البذرة من الإنبات، فقد تهاجمها الفطريات أثناء وجودها تحت سطح التربة، مستهدفة الجذور والساق، مما يؤدي إلى موتها قبل أن تظهر فوق سطح التربة.وأضاف أنه حتى إذا تمكنت البادرة من النجاة والوصول إلى سطح التربة، فإن هذه الفطريات تستمر في مهاجمتها من خلال إصابة الساق أسفل سطح التربة مباشرة، مفرزة إنزيمات تؤدي إلى ظهور بقع متحللة صغيرة، تتسع مع الوقت حتى تحيط بالساق بالكامل، مما يمنع تدفق المياه والعناصر الغذائية، ويتسبب في موت النبات.
التشخيص والتفريق بين المسببات المرضية
شدد "السماواتي" على أهمية التشخيص الدقيق للإصابة، موضحًا أن هناك بعض الإصابات التي قد تتشابه أعراضها مع الأمراض الفطرية، مثل هجمات الآفات الحشرية كالحفار والدودة القارضة، إذ يمكن التفريق بينهما من خلال فحص البادرة المصابة. فإذا كانت البادرة ملقاة على جانبها دون وجود جذر، فإن ذلك يشير إلى إصابة بالدودة القارضة، أما إذا كان الجزء السفلي من الساق متآكلًا، فإن السبب هو الحفار، أما في حالة الإصابة الفطرية، فيمكن ملاحظة تحلل الجزء السفلي من نبات الكتان.وأكد أن التشخيص الخاطئ يؤدي إلى علاج خاطئ، مما يعني فقدان المحصول في النهاية، مشيرًا إلى أن بعض العوامل الزراعية مثل سوء الصرف وتجمع المياه في بعض المناطق المنخفضة من الحقل قد تؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة وموت النباتات.
الإجراءات الوقائية وأهمية المتابعة المستمرة
لفت رئيس قسم أمراض القطن ونباتات الألياف السابق إلى أن علاج مرض "موت البادرات" على نطاق واسع قد يكون مكلفًا اقتصاديًا، ولذلك فإن التركيز يجب أن يكون على الإجراءات الوقائية، موضحًا أن مكافحة هذه الأمراض تعتمد بالأساس على التدابير الاستباقية، مثل تحليل التربة واستخدام بذور سليمة ومعالجة البذور بالمطهرات الفطرية قبل الزراعة، مؤكدًا أن اختيار الأرض المناسبة والزراعة في تربة جيدة الصرف يقلل من فرص الإصابة.وأضاف أن البذور يجب أن تكون مأخوذة من مصادر معتمدة، خالية من الكسور، مع ضرورة الانتباه إلى أن البذور الصفراء أكثر عرضة للإصابة مقارنة بالبذور البنية، مشددًا على أهمية معاملة البذور قبل الزراعة بمطهرات فطرية موصى بها في "كتاب التوصيات العامة لمكافحة الآفات"، المتاح إلكترونيًا، والذي يتضمن جميع المبيدات الفعالة والمعتمدة من وزارة الزراعة.
وأشار إلى أن المتابعة المستمرة للمحصول ضرورية للكشف المبكر عن أي إصابات، مؤكدًا أن الكثافة النباتية العالية تسهم في زيادة انتشار الفطريات، إذ إنها تمنع الرصد المبكر للمرض، مما يؤدي إلى تفاقمه قبل ملاحظته.
اختتم "السماواتي" حديثه بالتأكيد على أن الوقاية تظل الخيار الأفضل لمكافحة هذه الأمراض، مشددًا على أهمية اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة قبل الزراعة، بما يضمن عدم خسارة المحصول لاحقًا، موضحًا أن الوعي بهذه الأمراض وطبيعتها، إلى جانب اتباع الممارسات الزراعية السليمة، يضمنان تقليل تأثيرها إلى أدنى حد ممكن، مؤكدًا أن قاعدة "اسأل قبل أن تزرع" هي الأساس للحفاظ على محصول صحي وإنتاج وفير.
