أ
أ
في واقعة نادرة لفتت أنظار الباحثين وعشاق الحياة البرية، شهدت محمية علبة الواقعة في جنوب شرق مصر خلال شتاء عام 2024 حدثًا استثنائيًا، حيث تم تسجيل ظهور الضبع المرقط في المنطقة لأول مرة منذ آلاف السنين.
هذا الحدث لم يدم طويلًا، إذ لقي الحيوان حتفه على يد بعض السكان المحليين، مما أثار جدلًا واسعًا بين علماء البيئة والمهتمين بالحفاظ على التنوع البيولوجي في مصر.
ظهور نادر بعد غياب آلاف السنين
يُعد هذا التسجيل الأول من نوعه للضبع المرقط في مصر الحديثة منذ أن اختفى من البلاد قبل أكثر من 5000 عام. ويُثير هذا الاكتشاف تساؤلات حول كيفية وصول الضبع إلى هذه المنطقة النائية، وما إذا كان ذلك يشير إلى تغير في توزيع هذا النوع من الحيوانات أو عودة محتملة له إلى البيئات التي كان يشغلها في العصور القديمة.
الضبع المرقط وبيئته الطبيعية
وفقًا لدراسات حديثة أجراها باحثون مصريون، يُعتبر الضبع المرقط من أوسع الحيوانات المفترسة انتشارًا في القارة الإفريقية. يمتد نطاق وجوده عبر جنوب الصحراء الكبرى بين خطي عرض 17 درجة شمالًا و28 درجة جنوبًا، ما يجعله حاضرًا في مختلف البيئات، بدءًا من غابات السافانا وحتى الصحاري والمناطق الجبلية.
يتميز هذا النوع بقدرته الفائقة على التكيف مع بيئته، إذ يستطيع العيش في ظروف قاسية تتراوح بين الغابات الكثيفة والأراضي العشبية وحتى المناطق الجافة.
ومع ذلك، فإن أعداده تقل في البيئات القاحلة وشبه القاحلة، وهو ما يجعل ظهوره في مصر حدثًا نادرًا يستدعي البحث والتقصي.
الضبع المرقط وعلاقته بالبشر
يُعرف الضبع المرقط بقدرته على التكيف مع النشاطات البشرية، حيث يستفيد في بعض المناطق من المخلفات التي يتركها الإنسان وجثث الحيوانات النافقة، مما يساعده على البقاء في بيئات مختلفة.كما تشير دراسات سابقة إلى أن الضباع المرقطة قادرة على التنقل لمسافات طويلة تصل إلى 27 كيلومترًا يوميًا، وهو ما قد يفسر احتمالية وصول أحدها إلى جنوب شرق مصر قادمًا من مناطق بعيدة عن نطاقه الطبيعي.
هذه القدرة على الترحال تجعل من الصعب تحديد أماكن استقراره بدقة، خاصة في ظل التغيرات البيئية والمناخية التي قد تؤثر على مسارات هجرته.
دلالات الحدث وأهميته
إن تسجيل ظهور الضبع المرقط في مصر بعد انقراضه من البلاد منذ آلاف السنين يحمل أهمية بيئية وعلمية كبيرة، حيث يفتح الباب أمام مزيد من الدراسات حول التغيرات البيئية التي قد تكون ساهمت في عودته.كما يثير تساؤلات حول مدى استعداد البيئة المصرية لاستقبال مثل هذه الأنواع مجددًا، وما إذا كانت هناك حاجة لاتخاذ تدابير لحمايتها من الانقراض مجددًا نتيجة الصيد أو التعديات البشرية.
في النهاية، يبقى هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ الحياة البرية في مصر، ويؤكد على أهمية متابعة التغيرات البيئية بعناية للحفاظ على التوازن الطبيعي في المنطقة.