يعتبر حي السيدة زينب من أشهر الأحياء الشعبية في مصر، وهو يحظى بشعبية كبيرة بفضل ارتباطه بالسيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث يقع ضريحها ومسجدها في هذا الحي الذي يستقطب الزوار من مختلف أنحاء مصر وخارجها طوال العام.
ومع حلول شهر رمضان، يزدحم المكان أكثر، حيث يتوافد الناس من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، خصوصًا عند آذان المغرب، وبعدها صلاة العشاء والتراويح وحتى الفجر، ليشعر الجميع بجو روحاني خاص بفضل قدسية المكان، واعتقادهم في صاحبته، فضلًا عن المهن والحرف الشعبية التي تزين الحي، مثل محلات بيع الفوانيس والكنافة والياميش والمكسرات والمشروبات الرمضانية التي تكتسب طابعًا خاصًا هنا.
كما تتميز المطاعم القديمة بتقديم المأكولات الشعبية المصرية الشهيرة مثل المسمط والكباب والفلافل والحلويات.
ويشتهر الحي أيضًا بأقدم المقاهي التي تحيطه، ويعتبر مكانًا يرتاده أهل العبادة والمتصوفين والمجاذيب، إضافة إلى أنه ملهم للعديد من الأدباء والفنانين.
فمثلاً، رواية "قنديل أم هاشم" للروائي يحيي حقي استلهمت أحداثها من هذا المكان، وكذلك الأغنية الشهيرة لمحمد عبد المطلب "ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين"، التي ربطت بين هذين المكانين المفضلين لدى المصريين.
كما يضم الحي معالم تاريخية مثل قلعة الكبش، جامع أحمد بن طولون، بالإضافة إلى شوارعه الضيقة التي يزدحم بها السكان، خصوصًا في رمضان حيث يبدعون في تزيين الشوارع والفوانيس والزينة المعلقة على الحوانيت والشرفات، ما يعزز الأجواء الرمضانية.
ويحتفل الأهالي أيضًا بإقامة موائد الرحمن للفقراء والمحتاجين وعابري السبيل عند آذان المغرب، ويتميز المكان بأجواء روحانية ونور رباني يملأه، إضافة إلى وجود محلات الأطعمة والحلويات الشهيرة.
كما يتجمع الناس في المسجد لأداء صلاة العشاء وصلاة القيام، حيث يشهد المسجد ازدحامًا كبيرًا من الزوار القادمين من كل مكان.
أما عن اسم الحي، فهو يعود إلى السيدة زينب، بنت الإمام علي بن أبي طالب وأمها السيدة فاطمة الزهراء، وجدة السيدة خديجة بنت خويلد. حسب الروايات التاريخية، وصلت السيدة زينب إلى مصر بعد معركة كربلاء، حيث لقي أخوها الحسين مصرعه على يد الأمويين، وبعد أن استقرت في مصر تسعة أشهر، توفيت ودفنت في هذا الحي.
ويقال إن المسجد الذي يُعرف باسم "مسجد السيدة زينب" بُني فوق قبرها عام 85 هـ. وقد قام العديد من الحكام بإعادة بناء وتجديد المسجد، من أبرزهم المعز لدين الله الفاطمي الذي اهتم بعمارة المسجد في العصر الفاطمي، كما تم تجديده في العصور الحديثة على يد أسرة محمد علي.
تاريخ الحي يشير إلى أنه كان يحتوي على خليج بناه السلطان بيبرس في العهد المملوكي وكان يُسمى "خليج السباع"، الذي كان يمر عبره رسم للسباع شعار السلطان بيبرس. تم ردمه عام 1898، ومن ذلك الحين أصبح الحي يُعرف باسم "حي السيدة زينب".