أكد الشيخ مصطفى ثابت، الداعية الإسلامي، على المكانة العظيمة للغة العربية في بناء الحضارة الإسلامية وحفظ الهوية الإسلامية، مستشهدا بحكاية تاريخية من القرن الثالث الهجري، حيث روى الإمام أبو بكر بن مجاهد لقاءه مع الإمام اللغوي الشهير ثعلب، الذي كان مهمومًا بشأن مصيره في الآخرة، معتقدًا أن اشتغاله بعلم النحو قد لا يكون له ذات الفضل كعلماء الفقه والحديث. إلا أن النبي ﷺ جاء في رؤية لابن مجاهد، وأوصاه بأن يبلغ ثعلب سلامه، مؤكدًا له أنه "صاحب العلم المستطيل"، في إشارة إلى أن اللغة هي الأساس الذي تقوم عليه كل العلوم الأخرى.
وأضاف الشيخ مصطفى ثابت، خلال حلقة برنامج "حضارة"، المذاع على قناة الناس، أن هذه الحكاية تكشف عن أهمية اللغة العربية، التي لم تكن مجرد وسيلة للكلام، بل كانت الركيزة الأساسية لفهم القرآن الكريم والحديث الشريف، مما جعلها لغة العلم والمعرفة عبر العصور.
وأوضح أن تعريب الدواوين في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان كان خطوة فارقة في تعزيز مكانة اللغة العربية، حيث أصبحت اللغة الرسمية للإدارة والعلوم، مما ساهم في انتشارها وتفوقها على اللغات الأخرى كاللاتينية والفارسية والقبطية.
وأشار إلى أن اللغة العربية لم تكن لغة الدين فقط، بل أصبحت لغة العلوم والفلسفة والأدب، ما دفع العديد من العلماء غير العرب لتعلمها، كما ذكر المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب، حيث أكد أن تأثير اللغة العربية كان قويًا لدرجة أن المسيحيين في الأندلس كانوا يدرسون الأدب العربي ويحرصون على اقتناء الكتب العربية، نظرًا لما تمتعت به من رقي وسلاسة.
وشدد الشيخ مصطفى ثابت على أن الأمم لا يمكن أن تتقدم أو تحافظ على هويتها دون الاهتمام بلغتها، مؤكدًا أن اللغة ليست فقط وسيلة للتواصل، بل هي عنصر أساسي في حفظ العقيدة والتاريخ والشخصية الحضارية للأمة الإسلامية.