من المؤكَد أنَ كلّ أُمة تحرص على الحفاظ على تراثها وهويَتها، حيث يتناقلون هذا التراث من جيلٍ إلى جيل، حتى تنتقل المعرفة والأدب والحكمة بالكامل من الأجداد والآباء إلى الأبناء. ولا شكَ أن الأمثال الشعبية هي أحد أهمّ صور هذا التراث الشعبي.
المثل الشعبي هو عبارة عن قصَة يتم تناقلها عبر الأجيال، وكلمات نُرددها جميعًا في حياتنا اليوميَة، وخلاصة حكمة الأجداد التي تصلح في كل زمانٍ ومكانٍ. فالأمثال هي موروث حضاري و خلاصة تجارب الأجداد والآباء، وليست مُجرّد كلمات يتم ترديدها، فهي تحوي العديد من القيم والعادات والتقاليد، خفيفة الوقع على اللسان سريعة الوصول إلى القلب
ينشر لكم موقع "اجري نيوز ",الإخباري خلال السطور الآتية مجموعة من الأمثال الشعبية القديمة ومعناها وما المناسبة التي قيلت فيها لكي تتعرف علي الثراث المصري القديم .
تعرف علي أصل الأمثال الشعبية
1- دخول الحمام ليس كخروجه:
بالطبع كثيرًا ما نسمع هذا المثل الذي يُعد أحد أشهر الأمثال الشعبية في تراثنا، حيث يُقال لمن يحسب أنَ الأمور ستسير ببساطةٍ وبدون أي مشاكل أو تعقيدات، فيُقبل على شركة أو زواج أو شراء شيء أو أي نوع من أنواع المُعاملات بين الناس ثم يرغب في الانسحاب متى يشاء فيُفاجأ بالطرف الآخر يُخبره بأن دخول الحمام ليس مثل خروجه.
يُقال أن أصل هذا المثل يعود إلى أحد أصحاب الحمَامات التركيَة قديمًا، حيث قام بتعليق لافتة على الواجهة تُخبر الزبائن أن الدخولَ مجانيٌ، وبناءً على ذلك أقبل الزبائن بأعدادٍ كبيرة وازدحم بهم الحمام. وكان صاحب الحمام يأخذ ملابسهم عند الدخول، فإذا أرادوا الخروج تفاجأوا أنَ صاحب الحمَام يطلب منهم الأموال مقابل الخروج، قائلًا أن الدخول مجانيٌ بالفعل لكن يجب الدفع من أجل الخروج، وأنَهم لن يستلموا ملابسهم إلا بعد الدفع.
وعليه، قال الناس هذه الجملة "دخول الحمام ليس مثل الخروج منه" ومن ثمَ صارت هذه الجملة وصفًا دقيقًا لعدم سهولة الانسحاب من الأمور وأصبَح هذا المثل من أشهر الأمثال في تراثنا الشعبي.
2- يا بخت من كان النقيب خاله:
يُعد هذا المثل أحد أكثر الأمثال الشعبيَة رواجًا في بعض البلاد العربية، حيث يُقال هذا المثل عن الشخص الذي يتولَى أحد أقاربه أو معارفه منصبًا كبيرًا، فيتمكَن من قضاء العديد من المصالح بدون أيٍ تعب أو عناء.
يعودُ تاريخ هذا المثل إلى إحدى عادات العرب قديمًا حيث كانوا يُعينوون لمن يتزوَج حديثًا شخصًا يقوم بخدمته وتنفيذ طلباته ويتولى رعايته لمدة أربعين يومًا، وكان اسم الشخص الذي يقوم بهذا “النقيب” ومن هنا أتى أصل المثل الشعبي " يا بخت من يكن النقيب خاله" حيث إنَ الخال سيكون أكثر اهتمامًا بابن أخته وأكثر عنايةً ورعايةً له، لذلك يقولون: يا بخت من كان النقيب خاله.
3-مثل القطط بسبع أرواح :
يُضرب هذا المثل في حالة الشخص الذي يواجه العديد من المُشكلات والنوائب والحوادث في حياته ثم يخرج منها من غير سوءٍ أو أي خسائر تُذكر، حيث يُقال حينها أنَه مثل القطط بسبعة أرواح.
وهنا سيتبادر إلى ذهنك هذا السؤال، "لماذا القطط تحديدًا؟" في الحقيقة، لا يوجد حيوان يستحق إطلاق هذه الصفة عليه أكثر من القطط، فلعلَك قد لاحظت من قبلُ أن القطَة تقفز من ارتفاعٍ شاهق لتسقط بمُنتهى المرونة ثم تنهض وتركض بعدها مباشرةً وكأنَها لم تقفز من ارتفاعٍ كبيرٍ للتوّ. وبذلك ألهمت القطَة أجدادنا ليخرجوا بهذا المثل الشهير "مثل القطط بسبعة أرواح"
4-رجعت حليمة لعادتها القديمة :
يُضرب هذا المثل في الشخص الذي لا يستطيع العدول عن عادته القديمة مُطلقًا فمثلما قالوا أنَ “الطبع غلاب” أصبح هذا المثل أيضًا دليلاً على أن الشخص لن يتغيَر بشكل كامل بل سيعود إلى عاداته القديمة في يومٍ من الأيام.
يرجع أصل هذا المثل إلى امرأةٍ في العصر الجاهلي تُدعى حليمة وهي زوجة حاتم الطائي، والذي كان أحد أعظم شعراء العصر الجاهلي ومضرب المثل في الكرم، حتى أن الكرم قد نسب إليه فيُقال عن الشخص الكريم: “كرمُهُ كرمُ حاتم” أو يُقال عن الكرم الشديد "الكرم الحاتمي" أي أنَ الكرم المبالغ فيه يشبه كرم حاتم الطائي.
ولكن للمفارقة، كانت زوجته حليمة مضرب المثل في البخل فكانت عندما تطهو الطعام تضع سمنًا قليلاً جدًا وأحيانًا لا تضعُ سمنًا أبدًا، فعاب زوجها ذلك عليها وقال لها أنهم قالوا قديمًا أنَ من تضع سمنًا كثيرًا في إناء الطَهي يطولُ عمرها. وبالفعل بدأت حليمة تضع الكثير من السمن في إناء الطبخ أثناء إعداد الطعام الذي تطهوه لضيوف زوجها واستمرَت على ذلك لسنواتٍ عدَة. ولكن، حدث لها مُصاب جعلها تتوقف عن عادتها الجديدة هذه وترجع إلى ما كانت عليه ألا وهي وفاة ابنها الوحيد الذي كانت تُحبُه حُبًا جمًا، فأصابتها حالة اكتئاب مُزمنَة جعلتها تُقلل السمن في الطعام حتى لا يطول عمرها لتموت وتلحق بابنها سريعًا.
ومن هنا أتى المثل الشعبي "عادت حليمة لعادتها القديمة"، الذي يُضرب عند عودة الشخص إلى عادته القديمة مرةً أخرى.
5-اقلب القدرة علي فمها تصبح البنت مثل أمها :
هذا المثل هو أحد الأمثال الشعبيَة الدارجة في عدة بلدان عربيَة مثل مصر، والخليج، والعراق، والشام، وبالرغم من أنَه يُقال بعدَة صيَغ مُختلفة إلا أنَهم يجتمعون على نفس المعنَى.
بالرغم من شهرته، يوجد عدة روايات مختلفة بشأن أصل هذا المثل تحديدًا، فهناك من يقول أنَ أصله يرجع إلى امرأةٍ في أحد العصور القديمة كانت قد جعلت علامة دخول ابنتها إلى البيت هي أن تقلب القدرة على فمها فتُحدِث صوتًا.
في روايةٍ أُخرى، كان هناك شاب في نواحي بلاد الشام يُريد أن يتزوَج وكلما ذهب لخطبة فتاة، رفضه أهلها لا بسبب عيبٍ فيه ولكن لأنَ أمه قد أرضعت هذه الفتاة، ولم يجد هذا الشاب أي فتاة ليتزوَجها من فتيات بلدته لأنَ أمه قد أرضعت بنات البلدة كلها، وبالتالي حُرِمَت عليه فتيات البلدة جميعًا إلا امرأة كبيرة في السن بلغت الخامسة والأربعين من عمرها ولم تتزوج بعد.
ولأنَ هذه المرأة مُقاربة في العمر لسن والدته فمن المستحيل أن تكون والدته قد أرضعتها. بعد ذلك، أسرع الشاب في إتمام مراسم الزواج بمُجرَد موافقة المرأة، حيث عمد مُباشرةً إلى كتب الكتاب وإتمام العقد، ليتفاجأ بعد ذلك بخاله يدخل عليه مسرعًا قائلاً: هل كتبتم العقد؟ قالوا لا، فتنهَد بارتياح وقال: “جدتك تلقي عليك السلام وتُخبرك ألا تتزوَج هذه المرأة لأنها قد أرضعتها وهي صغيرة، أي أنَها خالتك في الرضاعة وبالتالي تحرُم عليكَ هي الأخرى."
تعجَب الناس من هذا الموقف وقالوا المقولة التي أصبحت اليوم مثلًا شعبيًا شهيرًا، للتعبير عن أخذ البنت من خِصال أُمِها وبالتالي تصبح مع الوقت نُسخة مطابقة تمامًا لها في الشكل والجوهر والأسلوب.