من الألغاز التي تشغل بال الإنسان، هو كيف تمكن البومة من الرؤية في الظلام الحالك، وتعتبر البوم من الطيور الجبارة في عالم الظلام، فهي تمتلك قدرة فائقة على الرؤية الليلية، وهذا مرده إلى بنية عيونها الفريدة.
وتكمن السر في شبكية العين حيث يوجد عدد ضخم من الخلايا الحساسة للضوء تُعرف بالعصويات، تفوق هذه العصويات في عيون البوم أعدادها في العيون البشرية ما يجعل البوم قادرة على التقاط أدق الفوتونات الضوئية حتى في أدنى مستويات الإضاءة.
ليست الخلايا الحساسة للضوء هي العامل الوحيد الذي يمنح البوم قدرتها على الرؤية في الظلام بل هناك مزيد من العوامل المدهشة، كما تتمتع البوم بحجم عيون يفوق نسبة حجم الرأس بالمقارنة مع الإنسان، كما أن شكل العيون الأنبوبي يُكسبها قدرة أكبر على تجميع الضوء.
بالإضافة إلى ذلك، تحتوي شبكية البومة على طبقة عاكسة تُعرف بالطبقة البكتينية، تعمل على مضاعفة الضوء المتاح، مما يساعدها على رؤية الفريسة الصغيرة في ظروف الإضاءة الخافتة بكفاءة عالية، الصيد الليلي وتأقلم السلوك مع الرؤية.
كما أن البوم تتبع أساليب متخصصة للصيد في الليل، وتأقلمت مع حياة الظلام لتعظم من فرص نجاح صيدها، وهى إحدى الطرق التي تعتمد عليها هي الاستماع الدقيق لأصوات الفرائس المحتملة، فضلًا عن قدرتها الفائقة على الطيران بهدوء تام بفضل ريشها المصمم لتقليل الضجيج، حيث تستطيع البومة أن تقترب من فريستها دون أن تُلاحظ. وهكذا، تقوم البومة بمزج هذه السمات مع رؤيتها الفائقة لتصبح من أكثر الحيوانات فاعلية في البيئات المعتمة.
بالرغم من مهاراتها الصيدية المتميزة، فإن البومة تواجه تحديات بيئية قد تؤثر على قدرتها على البقاء، مثل التلوث الضوئي واختلال الموائل الطبيعية، إن الانارة الصناعية المفرطة تتسبب في تقليل فرص البوم في اصطياد الفرائس لأنها تؤثر على قدرتها على الاختباء والهجوم معتمدة على عنصر المفاجأة. يتطلب الأمر مساءلة حول كيفية حماية بيئة البوم وإدارة الإضاءة في محيطنا للحفاظ على التوازن البيئي.
الدور البيئي للبوم وأهميته في المحافظة على التنوع البيولوجي
لا يقتصر دور البوم على كونها مفترسًا ليليًا فحسب، بل تعد جزءاً حيوياً في المنظومة البيئية تساهم بشكل فعال في السيطرة على أعداد القوارض والحشرات، وهذا لا يدعم التنوع البيولوجي والمحافظة عليه فقط بل يعود بالنفع على الزراعة والبيئات الطبيعية. ومن ثم، فإن الحفاظ على بيئة البوم يعتبر حجر الأساس في دعم الأنظمة البيئية المحلية وحمايتها، ومع تزايد الوعي بأهمية البوم في البيئة، ظهرت جهود مختلفة لتربية وحماية هذه الطيور الليلية الآسرة، كما تشمل الجهود تأسيس محميات طبيعية وبرامج للتربية في الأسر لضمان تنمية أعداد البوم وإطلاقها في البرية. كما يتم توعية العامة بأهمية البوم وكيفية المساهمة في حمايتها.

ومن خلال الدعم المستمر، يُمكن أن نضمن بقاء البوم ليس فقط كجزء من عجائب الطبيعة بل كعامل أساسي في الحفاظ على توازن النظم البيئية.