أ
أ
تشهد مصر في السنوات الأخيرة تغيرات مناخية حادة لم تعد تقتصر على مجرد تقلبات موسمية، بل أصبحت أزمة تؤثر بشكل مباشر على قطاعات الإنتاج الحيواني، وعلى رأسها تربية الدواجن. ما بين موجات حر غير معتادة وبرودة قارسة، أصبح المربون يواجهون تحديات حقيقية تهدد الإنتاج وتؤثر على جودة وسلامة القطيع.
الإجهاد الحراري العدو الأول للطيور في الصيف
مع ارتفاع درجات الحرارة، تعاني الطيور من الإجهاد الحراري، فهي لا تملك وسيلة طبيعية لتبريد أجسامها مثل التعرق, النتيجة تكون كارثية: انخفاض النمو، ضعف الشهية، تدهور المناعة، وزيادة معدلات النفوق المفاجئ. إنتاج البيض أيضًا يتأثر من حيث الكمية والجودة، ويضطر المربون لاستخدام كميات أكبر من الأدوية، ما يرفع التكلفة ويهدد السلامة الصحية.
الحل يكمن في تحسين بيئة السكن داخل المزارع، مثل الاعتماد على العنابر المغلقة المزودة بأنظمة تبرريد، وتعديل أساليب التغذية لتتناسب مع الظروف المناخية القاسية.
موجات البرد صدمة شتوية لا تقل خطورة
كما تؤثر الحرارة، فإن البرودة الشديدة تُحدث خللًا في التوازن الداخلي لأجسام الدواجن، خاصة في المراحل الأولى من العمر. هذا يؤدي إلى بطء النمو، وزيادة فرص الإصابة بالأمراض البكتيرية والفيروسية، وارتفاع استهلاك العلف بدون عائد حقيقي.تقديم التدفئة المناسبة، مع تحسين التهوية وتقليل الرطوبة داخل الحظائر، ضروري لتفادي تلك المخاطر. فمجرد انخفاض درجة الحرارة بمقدار درجتين يمكن أن يهدر مئات الكيلوغرامات من العلف يوميًا.

أزمة المياه نضوب وتلوث وضرورة البحث عن بدائل
معظم مزارع الدواجن في مصر، خاصة في المناطق الصحراوية، تعتمد على المياه الجوفية، والتي بدأت بالفعل في النضوب وارتفعت فيها نسب الملوحة. وهذا يؤثر بشكل مباشر على صحة الطيور وكفاءة الإنتاج.لذلك، أصبحت تحلية المياه وتقنيات إعادة استخدام الموارد من الضروريات، لا سيما في ظل توقعات باستمرار تدهور الوضع المائي بسبب التغيرات المناخية.

تغذية الطيور في خطر بسبب تغيّر المناخ
تُعد الأعلاف العمود الفقري لإنتاج الدواجن، وتعتمد على محاصيل كالذرة وفول الصويا. التغيرات المناخية تسببت في انخفاض الإنتاج الزراعي، وتآكل الأراضي، مما رفع أسعار الأعلاف وقلل جودتها.ولمواجهة هذا التحدي، يجب إعادة تحديث مواصفات الأعلاف المصرية لتناسب فصل الصيف والشتاء، وتوفير بدائل غذائية فعالة تضمن استمرار الإنتاج بجودة عالية وكفاءة اقتصادية.

الطيور النافقة عبء بيئي واقتصادي
بسبب انتشار الأمراض الناتجة عن المناخ القاسي، زادت أعداد الطيور النافقة بشكل مقلق، ما خلق عبئًا بيئيًا على المزارع. في غياب حلول فعالة للتخلص منها، تتحول هذه الطيور إلى مصدر محتمل للأوبئة.من هنا تبرز أهمية التحصين المبكر، والرقابة البيطرية، ونشر ثقافة الأمان الحيوي، إلى جانب التوسع في مشاريع تدوير النافق وتحويله إلى سماد عضوي للاستفادة منه.

المزارع الذكية الحل المستقبلي لمواجهة أزمة المناخ
في ظل هذه التحديات، تبرز المزارع الذكية المغلقة كخيار استراتيجي للمستقبل هذه المزارع تعتمد على أنظمة مراقبة دقيقة لدرجة الحرارة والرطوبة والإضاءة والغازات، وتتيح التحكم الكامل في معدلات التغذية والإنتاج.
الدراسات أثبتت أن المزارع المغلقة تحقق معدلات نمو أعلى، ونسبة نفوق أقل بنسبة تصل إلى 72% مقارنة بالمزارع المفتوحة. كما أنها تستهلك الأعلاف بكفاءة أكبر وتنتج دواجن ذات جودة أفضل.