يعد الثوم من أقدم النباتات المستخدمة في الطب التقليدي، حيث اشتهر بفوائده الصحية المتعددة التي تمتد من تحسين وظائف الجهاز الهضمي إلى تعزيز المناعة.

يحتوي الثوم على مجموعة من المركبات الغذائية والمواد الكيميائية المفيدة، منها البروتينات، الأحماض الأمينية، الدهون، الألياف، الفيتامينات والمعادن، وكذلك المركبات الكبريتية التي تمنحه خصائصه العلاجية، من أبرز هذه المركبات الكبريتية هي مادة الأليسين (Allicin)، التي تساهم بشكل رئيسي في فعالية الثوم الصحية.

مركب الأليسين: سر فعالية الثوم

الأليسين هو مركب كبريتي عضوي (sulphur compound) يتم استخراجه من الثوم الطازج أو المجفف.
ويوجد في الثوم الطازج مركب آخر يسمى الألين (Alliin)، الذي لا يمتلك تأثيرًا علاجيًا في حالته الأصلية.
وعندما يتم تقطيع أو طحن الثوم، يختلط الألين مع إنزيم الألينيز (Alliinase)، مما يؤدي إلى تحويله إلى الأليسين، الذي يعد المسؤول عن معظم الفوائد الصحية للثوم.

على الرغم من أن الأليسين غير مستقر ويتحول سريعًا إلى مركبات كبريتية أخرى تعرف باسم Thiosulphinates، إلا أنه يمتلك خصائص علاجية مميزة بعد تثبيته، حيث أظهرت الأبحاث أن الأليسين يتمتع بقدرة كبيرة على مكافحة الجراثيم والطفيليات، بالإضافة إلى تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.

فوائد الأليسين في صناعة الدواجن
مكافحة الكوكسيديا:

يعتبر الأليسين من المواد الفعالة في مكافحة مرض الكوكسيديا في الدواجن، حيث يعمل على منع تحول الأكياس البيضية غير المتحوصلة إلى أكياس متحوصلة، وبالتالي يساهم في تقليل انتشار هذا المرض الطفيلي.
كما يعمل الأليسين على تعطيل إنزيمات الطفيليات مثل الأميبا والكوكسيديا، مما يؤدي إلى موت الطفيليات.

مكافحة الكوليستريديا:

أثبت الأليسين فاعليته في القضاء على بكتيريا الكوليستريديا عن طريق منع تحول الأبواغ المتحوصلة إلى الشكل الخضري الذي يمكنه التكاثر داخل جسم الدواجن.

تعزيز المناعة:

يساعد الأليسين في تحفيز جهاز المناعة غير النوعي في الدواجن، مما يزيد من قدرتها على مقاومة الأمراض المختلفة.
هذا التأثير يتم من خلال تنشيط الخلايا المناعية مثل اللمفاويات (Lymphocytes) والماكروفاجات (Macrophages)، التي تلعب دورًا رئيسيًا في الدفاع ضد العدوى.

تحفيز النمو وتحسين الكفاءة العلفية:

يعمل الأليسين على تحفيز النمو في الدواجن ويزيد من الكفاءة العلفية، مما يؤدي إلى تقليل معاملات التحويل العلفي (Feed Conversion Ratio).
هذا يعني أن الدواجن تستطيع تحويل الطعام إلى وزن جسم أكثر فعالية.

مقاومة السموم البكتيرية:

الأليسين له القدرة على معادلة سموم البكتيريا الممرضة مثل السموم التي تفرزها بكتيريا المكورات العنقودية (Streptolysin) والنيموكوكس (Hemolytic Toxins)، مما يقلل من تأثير هذه السموم على صحة الطيور.

مقاومة الفيروسات والفطريات:

أظهرت الدراسات قدرة الأليسين على مقاومة الفيروسات والفطريات، مثل الكانديدا البكانز (Candida albicans)، مما يجعل استخدامه فعالًا في علاج حالات العدوى الفطرية.

تحفيز الهضم وفتح الشهية:

يعتبر الأليسين من المواد الطبيعية التي تعمل على فتح شهية الدواجن عن طريق تحفيز إفراز اللعاب وإنزيمات الهضم، كما يساهم في تحفيز إفراز العصارة الصفراوية من الكبد، مما يسهل عملية الهضم.

خفض مستويات الكولسترول وضغط الدم:

من المعروف أن الأليسين يساعد في خفض مستويات الكولسترول الضار (LDL) والتراي جليسريد، كما يساهم في تقليل ضغط الدم المرتفع، مما يساهم في تحسين الصحة العامة للدواجن.

التحول إلى البدائل الطبيعية

في السنوات الأخيرة، بدأ الاتجاه العالمي نحو تقليل استخدام المضادات الحيوية في إنتاج الدواجن، وذلك بسبب تأثيراتها السلبية على الصحة العامة وانتشار المقاومة البكتيرية.

في هذا السياق، جاءت مستخلصات الثوم، وخاصة الأليسين، كبديل طبيعي فعال، إذ أظهرت الدراسات أن إضافة الأليسين إلى أعلاف الدواجن لا يساعد فقط في رفع معدلات الاستهلاك والنمو، بل يعمل أيضًا على تحسين إفرازات الجهاز الهضمي وحماية الطيور من الأمراض الطفيلية والبكتيرية.

وقد تم إدخال الأليسين في مصانع الأعلاف بنسب محددة وفعالة، مما يعزز من جودة الإنتاج ويقلل من الحاجة لاستخدام المواد الكيميائية والمضادات الحيوية في صناعة الدواجن.

تعتبر مستخلصات الثوم، وخاصة الأليسين، إضافة هامة في صناعة الدواجن، حيث تقدم فوائد صحية عديدة تتراوح بين تحسين النمو، تعزيز المناعة، مكافحة الأمراض، وحتى رفع الكفاءة العلفية.

ومع زيادة الاهتمام بالبدائل الطبيعية وتجنب المواد الكيميائية، يصبح الثوم ومركباته أحد الخيارات المثلى لتطوير صناعة الدواجن بشكل مستدام وصحي.