تربية العجول تعتبر من الأنشطة الزراعية ذات الأهمية الكبيرة التي تتطلب اهتمامًا دقيقًا بكافة تفاصيل الرعاية والعناية بهذه الحيوانات، لتحقيق أقصى استفادة منها، سواء في مجال إنتاج الألبان أو تربية اللحوم، يجب على المربين اتباع أساليب متطورة ومبنية على أسس علمية.

أحد أبرز الجوانب التي يتوجب مراعاتها هو مرحلة الرضاعة، التي تتطلب دقة متناهية في التعامل مع العجول لضمان صحتها وتجنب أي مشكلات قد تؤثر على إنتاجيتها.

في هذا السياق، نسلط الضوء على أبرز الأخطاء التي قد تحدث أثناء فترة الرضاعة، وكيفية تجنبها، بالإضافة إلى أهمية الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في مراقبة صحة العجول وزيادة الإنتاجية.

أبرز الأخطاء التي يرتكبها المربون أثناء فترة الرضاعة

من أكثر المشاكل التي يواجهها مربو العجول في مزارعهم هي الأخطاء المتعلقة بطريقة الرضاعة، من أبرز تلك الأخطاء هو التعامل الخاطئ مع لبن السرسوب، الذي يعد ضروريًا في تغذية العجول حديثة الولادة، نظرًا لاحتوائه على مكونات غذائية حيوية تقوي جهاز المناعة.

ومع ذلك، في بعض الأحيان يتعامل العمال مع السرسوب بشكل غير صحيح، حيث يقومون بتمزيق الحلمة بطريقة خاطئة أو ضغطها بشكل مفرط بهدف تسريع عملية الرضاعة.

وهذا السلوك قد يؤدي إلى دخول اللبن إلى القصبة الهوائية للعجل، وهو ما يسبب تراكم البكتيريا الضارة مثل "الماينهيميا" و"الباستوريلا" داخل الرئتين، مما يؤدي إلى التهاب رئوي حاد.

التغذية الخاطئة وتأثيرها على صحة العجول

إحدى المشكلات التي تزداد شيوعًا في مزارع تربية العجول هي الإهمال في عملية التغذية.
التغذية السليمة أساسية للحفاظ على صحة العجول ودعم نموها بشكل جيد.
وعند الإهمال في تقديم الغذاء المناسب، أو إعطاء العجول غذاءً غير متوازن، فإن هذا قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل التهاب الرئتين، ما يتسبب في موت العجل المفاجئ، خاصةً إذا كانت الالتهابات قد وصلت إلى مرحلة متقدمة.
وعند الفحص، يمكن ملاحظة تحول الرئة إلى نسيج متليف مليء بالصديد، وهو ما يعكس مدى خطورة الإهمال في الرعاية الصحية والتغذية.

التكلفة الاقتصادية الناجمة عن الإهمال في الرعاية

من المؤكد أن إهمال الرعاية الصحية والتغذية السليمة للعجول لا يؤثر فقط على صحتها، بل له تكلفة اقتصادية باهظة.
قد تتسبب وفاة عجل واحد فقط في خسائر تصل إلى 300 ألف جنيه للمزرعة إذا حدثت بشكل متكرر.
وهذا يعني أن تكلفة الأخطاء الصحية والتغذوية قد تؤثر بشكل كبير على الربحية طويلة الأجل للمزرعة.
لذلك، من الضروري أن يتبنى المربون أساليب علمية في رعاية العجول ويعتمدوا على إشراف بيطري مستمر لتفادي هذه الخسائر.

أهمية التدريب المستمر للعاملين في مزارع العجول

يشير المهندس عاطف شريف، خبير الإنتاج الحيواني، إلى أن التدريب المستمر للعاملين في مزارع تربية العجول هو أمر بالغ الأهمية لضمان تحسين مهاراتهم.

من الضروري أن يحصل العاملون في المزارع على تدريب دوري كل سنتين على الأقل لتعريفهم بأحدث الأساليب والتقنيات المستخدمة في تربية العجول، فضلاً عن كيفية التعامل مع المخاطر والأمراض التي قد تصيب المواشي.
هذا التدريب يساعد في تجنب الكثير من الأخطاء الصحية والتغذوية التي تؤدي إلى إصابة العجول بأمراض تؤثر على إنتاجيتها.

الاستفادة من الخبرات المحلية في الإنتاج الحيواني

مصر تضم عددًا كبيرًا من الخبراء والمتخصصين في مجال الإنتاج الحيواني، إلا أن الاستفادة من هذه الخبرات ليست بالشكل الكافي.
حيث يمكن الاستفادة بشكل أكبر من العلماء والمختصين في مجالات الفيروسات واللقاحات من خلال تدريب المربين والعاملين في المزارع.
هؤلاء الخبراء يمكنهم تقديم نصائح قيمة وإرشادات علمية تساعد في تحسين إدارة المزارع والحفاظ على صحة المواشي، مما يساهم في تحسين الإنتاج.

التكنولوجيا الحديثة في مراقبة صحة العجول

في إطار تحسين رعاية العجول، يطرح المهندس عاطف شريف ضرورة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لمراقبة صحة الحيوانات.

فقد أصبحت هناك العديد من الأدوات التكنولوجية المتاحة في الأسواق مثل التطبيقات والأجهزة الاستشعارية التي تراقب حركة العجول بشكل مستمر.

هذه الأجهزة تتمكن من قياس عدد الأنفاس، حركة الحيوان، ودرجة حرارته، وتقوم بإرسال تحذيرات للمزارعين إذا كانت هناك أي تغييرات غير طبيعية تشير إلى وجود مشكلة صحية.

التكنولوجيا ودورها في تحسين الإنتاجية

التكنولوجيا الحديثة لا تقتصر فقط على مراقبة صحة العجول، بل تساهم أيضًا في تحسين الإنتاجية بشكل عام.
فالتطبيقات الذكية توفر تحذيرات مبكرة قد تساعد في الكشف عن أي مشاكل صحية قد تؤثر على العجل قبل تفاقمها.
من خلال هذه التكنولوجيا، يمكن اكتشاف انخفاض في الشهية أو زيادة الحركة، وهي علامات قد تشير إلى مشاكل في التغذية أو قد تكون علامات على الإصابة بأمراض.
بهذا الشكل، يمكن التدخل المبكر لعلاج المشكلات وتقليل الخسائر الاقتصادية.

إدخال التكنولوجيا الحديثة في مزارع تربية العجول ليس مجرد رفاهية بل ضرورة لتحقيق أقصى استفادة من هذه المشاريع.
إن الجمع بين التدريب المستمر للعاملين، الاعتماد على الخبرات المحلية، واستخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة يشكل مزيجًا مثاليًا لضمان صحة العجول، وزيادة إنتاجيتها بشكل مستدام.