في إطار التطور المستمر لصناعة الألبان، تبدأ رحلة الحليب الخام من لحظة وصوله إلى مصنع الألبان عبر شاحنات حاويات مجهزة، حيث يخضع لسلسلة من الإجراءات الدقيقة لضمان الجودة والكفاءة.
بعد اجتياز الاختبارات التحليلية الأولية، يتم توصيل خراطيم الحليب من الشاحنة إلى صوامع التخزين الضخمة، والتي قد تصل سعتها إلى 300 ألف لتر. ويقوم السائق بإدخال رقم تعريف الشاحنة على لوحة التحكم أو استخدام جهاز "فوب" الإلكتروني لبدء ضخ الحليب، الذي يُبرَّد مباشرة إلى درجة حرارة تتراوح بين 4 و6 درجات مئوية أثناء نقله باستخدام مبادل حراري لوحي (HPE).
تُعتبر كفاءة الضخ وسرعة التفريغ من المؤشرات المهمة لمراقبة الأداء، حيث تتأثر بعدة عوامل منها تصميم خطوط الأنابيب، وعدد الصمامات، وحجم الحليب المستلم.
وقبل بدء المعالجة، يخضع الحليب لعمليات ترشيح لإزالة الشوائب مثل الرمل والبروتينات المترسبة، كما تُستخدم تقنيات الطرد المركزي والترشيح الدقيق للتقليل من البكتيريا والخلايا الجسدية، مما يحسّن من جودة المنتج النهائي ويطيل مدة صلاحيته.
وفي المرحلة التالية، يُفصل دهن الحليب عن المصل (الحليب الخالي من الدسم) في عملية تعرف بـ"القشط"، والتي تتم عادة عند درجة حرارة تتراوح بين 50 و60 درجة مئوية. يُستخدم هذا الفصل لتوحيد نسب الدهون حسب المنتج المطلوب، سواء كان حليبًا كامل الدسم أو قشدة أو منتجات ألبان متنوعة مثل الجبن والآيس كريم والحليب المجفف.
تمثل هذه العمليات المتقدمة نموذجًا لكيفية استغلال التكنولوجيا الحديثة في ضمان جودة وسلامة الحليب الخام منذ لحظة استلامه وحتى وصوله إلى المستهلك في صورة منتجات عالية الجودة.