أجرى باحثون في جامعة ماساتشوستس أمهرست دراسة جديدة حول السلوك والعلاج الذاتي في النحل الطنان، حيث تم التركيز على تأثير مادة الأناباسين (anabasine)، وهي قلويد طبيعي يشبه النيكوتين. في البداية، كانت النتائج واعدة، حيث أظهر الباحثون أن النحل قد يستخدم الأناباسين للتخلص من الطفيليات المعوية التي تؤثر على بقائه في فصل الشتاء. لكن التجارب التالية لم تؤكد هذه الفرضية، وأظهرت أن النتائج كانت غير مدعومة بما فيه الكفاية.
التحقيق الذي قاده مرشح الدكتوراه إيفان بالمر-يونغ وعالم البيئة التطورية لين أدلر، أشار إلى أن أناباسين له تأثيرات ضارة على النحل المصاب بعدوى كريثيديا بومبي (Crithidia bombi)، وهو طفيلي معوي شائع في النحل.
النتائج التي تم نشرها في مجلة PLOS ONE أظهرت أن أناباسين قد يفاقم العدوى لدى النحل المصاب، بينما لم يؤثر سلبًا على النحل غير المصاب.
وأفاد بالمر-يونغ أن هذه النتائج تتماشى مع ما أظهرته دراسات أخرى حول التأثيرات السلبية للمبيدات الشبيهة بالنيكوتين على صحة النحل، حيث تتسبب هذه المواد الكيميائية في تقليل البقاء على قيد الحياة وتضعف جهاز المناعة لدى النحل. هذه التفاعلات بين المواد الكيميائية والعدوى تؤثر سلبًا على صحة النحل وقدرته على مكافحة الطفيليات.
من جهة أخرى، تبين أن تأثيرات الأناباسين قد تختلف بين الطوائف المختلفة للنحل، حيث أظهرت التجربة أن استهلاك الأناباسين خفض من مستوى العدوى في نحل طائفتين، بينما لم يحدث ذلك في طائفتين أخريين. وعند إجراء التجارب في ظروف بيئية مختلفة مع نقص في حبوب اللقاح، الذي يعد المصدر الأساسي للبروتين للنحل، تبين أن عدم وجود حبوب اللقاح قد يؤثر على قدرة النحل على إزالة سموم الأناباسين، مما يفاقم تأثيراته السلبية.
إضافة إلى ذلك، يلاحظ الباحثون أن الطوائف الصغيرة من النحل التي تم تغذيتها بالأناباسين مع العدوى قد شهدت انخفاضًا في بقاء النحل على قيد الحياة، وكذلك تراجعًا في نمو اليرقات. وبذلك، يبدو أن الأناباسين قد يفاقم الضغط على النحل المصاب بالأمراض بدلاً من تحسين حالته الصحية.
يشير الباحثون إلى أن هذه الدراسة تبرز أهمية فهم تأثير المواد الكيميائية الطبيعية مثل الأناباسين على صحة النحل، وخاصة في ضوء الضغوط المتعددة التي يواجهها النحل مثل العدوى، تدهور نوعية النظام الغذائي، واستهلاك المبيدات. في النهاية، يبقى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لفهم كيفية تأثير الأناباسين على نمو الطفيليات وكيف يمكن أن يتفاعل مع العوامل البيئية المختلفة.