تتمتع تربية الإبل في مصر بجذور تاريخية عميقة وأهمية متعددة الأوجه، فهي ليست مجرد نشاط اقتصادي بل تمتد لتشمل جوانب اجتماعية وثقافية وبيئية. تعتبر الإبل مصدراً حيوياً للغذاء، حيث توفر اللحوم الغنية بالبروتين والألبان المغذية، خاصة في المناطق التي تقل فيها البدائل الغذائية الأخرى مثل الصحاري والمناطق شبه الصحراوية. تاريخياً، لعبت الإبل دوراً محورياً كوسيلة للنقل للأفراد والبضائع عبر التضاريس الوعرة والصحراوية، ولا تزال تستخدم لهذا الغرض في بعض المناطق حتى اليوم. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الإبل في بعض الأعمال الزراعية التقليدية، وتستخدم في الأنشطة السياحية ورياضات سباقات الهجن التي تحظى بشعبية خاصة.
تحظى الإبل بمكانة خاصة في الثقافة المصرية والبدوية، وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من التراث والتقاليد. كما أن قدرتها الفريدة على التكيف مع الظروف البيئية القاسية، مثل نقص المياه وارتفاع الحرارة، تجعلها حيوانات مثالية للتربية في البيئات الصحراوية المصرية. وتتنوع سلالات الإبل في مصر، حيث تشمل خمس سلالات رئيسية هي الفلاحي والصومالي والسوداني والمغربي والمولد، ولكل منها خصائص مميزة من حيث الإنتاج والاستخدام.
يعتمد نظام إنتاج الإبل في مصر بشكل أساسي على الرعي في المراعي الطبيعية الواسعة، خاصة في المناطق الصحراوية، مع إمكانية تقديم تغذية تكميلية في بعض الحالات. تعتمد الإبل على مصادر المياه المتاحة في مناطق الرعي، وقد تحتاج إلى فترات زمنية بين مرات الشرب تتراوح بين أربعة إلى ستة أيام في فصل الصيف الحار. أما بالنسبة للإنتاج، فيتراوح إنتاج الحليب اليومي للإبل المصرية بين كيلوغرام واحد وستة كيلوغرامات، بينما تعتبر الإبل مصدراً هاماً للحوم، ويوجد سوق نشط لتجارتها، خاصة في منطقة برقاش.
على الرغم من الأهمية الكبيرة لتربية الإبل في مصر، إلا أنها تواجه عدة تحديات. من أبرز هذه التحديات نقص العمالة المدربة، وتناقص مساحة المراعي نتيجة لتوسع الأراضي الزراعية، ونقص الخدمات الأساسية مثل الخدمات البيطرية والبنية التحتية في بعض المناطق. كما أن الرعاية الصحية لقطعان الإبل قد لا تكون كافية في بعض الأحيان، وهناك حاجة لزيادة الوعي وتطبيق معايير أفضل للرفق بالحيوان.
في المقابل، تشهد تربية الإبل في مصر بعض التوجهات الحديثة، مثل التحول التدريجي نحو نظم الإنتاج شبه المكثفة والمكثفة، خاصة لإنتاج الألبان، واستخدام تقنيات الحلب الآلي في بعض المزارع الحديثة. كما يزداد الاهتمام بصحة الإبل وتطبيق معايير أفضل للرفق بها. في الختام، تظل تربية الإبل قطاعاً حيوياً في مصر، يساهم بشكل كبير في الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي، خاصة في المناطق الصحراوية، ومع التغلب على التحديات وتبني التقنيات الحديثة، هناك إمكانات كبيرة لتطوير هذا القطاع وتعزيز مساهمته في التنمية المستدامة.
